سيطرة وسلاح وتمويل.. خريطة النفوذ باليمن

منذ اندلاع الحرب في اليمن، أواخر عام 2014، تتنازع قوى مسلحة عديدة لفرض نفوذها والسيطرة على البلد العربي، ما قسمه بين 6 قوى، لكل منها سند إقليمي، سواء كان دولا أو جماعات إرهابية.

 

ويعترف المجتمع الدولي بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي برغم انتخابه لمدة عامين في مرحلة انتقالية تنتهي في 21 فبراير/ شباط 2014، إلا أنه يدخل عامه التاسع على رأس بلد مجزأ، وتسيطر فيه قواته على النسبة الأكبر من الأرض، لكن معظمها صحراء.

 

ومنذ مارس/ آذار 2015، تخوض جماعة الحوثيين المسلحة حربا ضد قوات هادي، حين انقلبت رسميا على الحكومة الشرعية وأجبرت الرئيس على الفرار إلى الرياض، ما دفعه إلى الاستناد لتحالف عسكري عربي، بقيادة الجارة السعودية.

 

وخلال الحرب بين الطرفين، صعّدت الإمارات قوى جديدة موالية لها، في خطوة ألقت بالوهن في المعسكر المناهض للحوثيين، وكانت سببا في قوة الحوثيين، وفق ما يرى يمنيون.

 

** القوات الحكومية

 

تسيطر القوات الموالية للرئيس هادي على محافظة المهرة والمحافظات النفطية الثلاث، حضرموت وشبوة ومأرب (شرق)، بالإضافة إلى أجزاء من محافظتي أبين (جنوب) والجوف (شمال).

 

ومنذ أيام، تخوض القوات الحكومية حربا هي الأشرس منذ اندلاع الحرب ضد الحوثيين في محافظتي مأرب والجوف، إذ تستميت بإسناد من مقاتلات التحالف العربي ورجال القبائل، لصد هجمات يشنها الحوثيون.

 

وفي أبين، تتمركز القوات الحكومية على خطوط التماس مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، بعد نحو عام من المواجهات بين الطرفين.

 

وتشكلت القوات الحكومية من المقاومة الشعبية ورجال القبائل وعسكريين سابقين، وتضم حوالي 300 ألف جندي، جلهم من القوات البرية، بالإضافة إلى عدد قليل يشكلون القوات البحرية، وفق مصدر عسكري تحدث للأناضول، وطلب عدم نشر اسمه.

 

وتعتمد القوات الحكومية على دعم مالي وعسكري من السعودية، وتفتقر إلى التسليح المتطور من دبابات ومدرعات وسلاح الجو.

 

** الحوثيون

 

يسيطر الحوثيون المدعومون من إيران، على العاصمة صنعاء (شمال) ومعظم المحافظات التي يتركز فيها السكان شمالي ووسط وغربي اليمن، ويخوضون حربا ضد القوات الحكومية والتحالف العربي والقوات الموالية للإمارات.

 

وخلال الأشهر الأخيرة، أخذ الحوثيون بزمام المبادرة، وشنوا هجمات مضادة، وأعادوا السيطرة على محافظة صنعاء كلها، وتقدموا في الجوف ومأرب والبيضاء (وسط)، بينما لا تزال قواتهم على خطوط التماس في محافظات تعز والحديدة وحجة وصعدة والضالع (جنوب).

 

وخلال الأيام الأخيرة، أعلن الحوثيون تطوير ترسانتهم الجوية، وهم يطلقون بكثافة صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة مفخخة على مدن سعودية.

 

وبحسب منظمة "ACLED" الدولية لرصد مواقع النزاعات المسلحة حول العالم، فإن قوات الحوثيين تتألف من قرابة 200 ألف جندي، تم تجنيد ثلثيهم منذ بداية الحرب.

 

وقالت المنظمة إنه رغم التماسك الظاهري، إلا أن قوات الحوثيين تتكون من تشكيلة غير متجانسة من المسلحين والجنود المحترفين، الذين كانوا موالين للرئيس السابق الراحل علي عبد الله صالح (1947-2017)، ووحدات عسكرية خاصة وميليشيات مسلحة، تحت قيادة كبار المسؤولين الحوثيين وشيوخ القبائل.

 

** أحزمة ونخب

 

بالرغم من أن تدخّل الإمارات في اليمن، ضمن التحالف العربي، كان بهدف إعادة تمكين القوات الموالية للحكومة، إلا أنها بدأت منتصف عام 2016 في إنشاء قوات موالية لها في المحافظات الجنوبية، لخدمة مصالحها الخاصة، وفق اتهامات متكررة من مسؤولين يمنيين.

 

وظهرت تلك القوات في شكل أحزمة ونخب أمنية، وبدأت بالانتشار في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب) ومحافظات لحج والضالع وأبين وحضرموت، قبل أن تعلن ولاءها للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أنشأته الإمارات، ويطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وهو ما يرفضه قطاع كبير من اليمنيين.

 

وتسيطر هذه القوات، التي تتلقى دعما مباشرا من الإمارات، على المحافظات الجنوبية وجزيرة سقطرى، وتخوض حربا ضد الحوثيين في محافظتي الضالع ولحج، وضد القوات الموالية للحكومة في أبين.

 

وفي فبراير/ شباط 2020، قال نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، عيسى سيف بن عبلان المزروعي، إن بلاده جندت ودربت وجهزت أكثر من 200 ألف جندي يمني في المناطق المحررة، في إشارة إلى قوات "الحزام الأمني".

 

ووفق بنود اتفاق الرياض، الذي طُبق جزئيا أواخر 2020، سمح المجلس الانتقالي بعودة الحكومة إلى عدن، لكنه لم يسمح بعودة قواتها إلى مواقعها السابقة في عدن وأبين ولحج، قبل اندلاع المواجهات بين الطرفين، في أغسطس/ آب 2018.

 

** القوات المشتركة

 

دعمت الإمارات طارق صالح، الذي لا يعترف بشرعية الرئيس هادي وحكومته، في إنشاء قوات جديدة في الساحل الغربي لليمن.

 

وطارق هو نجل شقيق الرئيس الراحل، علي عبد الله صالح، الذي قُتل على أيدي حلفائه الحوثيين أواخر 2017.

 

وتشكل قوات "المقاومة الوطنية" التي يقودها طارق، القوة الأكبر ضمن قوات مشتركة تدين كلها بالولاء للإمارات.

 

وتسيطر تلك القوات على أجزاء من محافظة تعز والحديدة على الساحل الغربي لليمن، وتخوض اشتباكات متكررة ضد الحوثيين.

 

وكانت تلك القوات على وشك السيطرة على مدينة الحديدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وهي من أكبر محافظات البلاد، وتحوي ميناء حيويا على البحر الأحمر.

 

ووفق مصادر عسكرية فإن القوات المشتركة تضم قرابة 50 ألف مسلح.

 

** "القاعدة" و"داعش"

 

في أبريل/ نيسان 2015، استغل تنظيم "القاعدة" الإرهابي اندلاع الحرب وسيطر على مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، قبل أن ينسحب منها وفق تفاهمات، مع حملة عسكرية قادتها الإمارات في أبريل من العام التالي.

 

وبشكل مثير للريبة، اختفى التنظيم فترة، قبل أن يعلن وجوده عبر بيانات في محافظة البيضاء، التي شهدت أيضا انتشارا محدودا لعناصر تنظيم "داعش" الإرهابي.

 

و"القاعدة" و"داعش" في اليمن هما فرعان لتنظيمين ينتشران في دول عديدة.

 

​​​​​​​ومع تصارع كل تلك القوى، أودت الحرب، المستمرة منذ نحو 7 أعوام، بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص