ميلشيا الحوثي التابعة لإيران أصدرت بياناً ركيكاً وغير مقنع ولا جديد فيه سوى أنه جاء هذه المرة عبر وزارة الخارجية في سلطتها غير الشرعية، وليس عبر محمد عبد السلام فليتة، المتحدث باسمها، وخلاصته هي أنها ترفض بشكل كامل المبادرة السعودية، ودعوات وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في اليمن التي توالت من قبل المجتمع الدولي تأييداً للمبادرة السعودية.
وحجة هذه الميلشيا هي ضرورة فصل الجانب الإنساني عن بقية الاستحقاقات، بمعنى، أنها تريد فتح المطار والميناء لاستيراد المزيد من السلاح والخبراء، ومواصلة الحرب على اليمنيين التي تنظر إليها على أنها حرب منفصلة عما تسميه "العدوان الخارجي" وترفض الاعتراف بها كحرب أهلية.
لكنها لم تخبرنا لماذا يضطر ابن مدينة تعز القادم من صنعاء فيصل الدخل الشرقي للمدينة ولكنه يضطر إلى قطع مسافة طويلة تستغرق أكثر من 6 ساعات ليصل إلى منزله في وسط المدينة.
كما لم تخبرنا لماذا وضعت تلك الكميات الهائلة من الالغام، ولماذا يقوم العشرات من قناصاتها المجرمين بقتل الأطفال والنساء وكل من يدب على الأرض في أطراف مدينة تعز، ولماذا يفرضون ما نسبته 52 في المائة من قيمة الحوالات النقدية من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ولماذا يخلقون كل هذه المصاعب أمام اليمنيين من خلال حظر تداول العملة الجديدة، ولماذا يرفضون توريد عائدات ميناء الحديدة إلى حساب في فرع البنك المركزي في الحديدة لإعادة توزيعها كمرتبات.
تريد الميلشيا تهميش الشعب اليمني ونخبه السياسية وجيشه الوطني ومقاومته والرئاسة والحكومة وإدارة الحرب على أنها مواجهة بين الحوثيين الذين يمثلون اليمن والسعودية التي تعتدي عليه.
وعلى الرغم من صعوبة الدفاع عن المستوى الحالي من العون الذي تقدمه السعودية للحكومة، إلا أن الحقيقة هي أن المشكلة اليمنية كانت ولا تزال في عهدة المجتمعين الإقليمي والدولي وليست مسألة داخلية، خصوصاً إذا ما عرفنا أن قرار الحرب وتوجيه الصواريخ بيد إيران بشكل كامل وتستخدم بصفة حصرية لخدمة الأجندة الإيرانية، وأن المشكلة ليس في التدخل العسكري الذي جاء بناء على طلب من السلطة الشرعية وتفويض من الغالبية العظمى من اليمنيين بمن فيهم أنصار صالح الذي كان جزء أساسياً ومحركاً مهماً للانقلاب على السلطة الشرعية.
وخلاصة القول هي أن المبادرة المعلنة من السعودية على الرغم من اعتراضنا الكامل على مصادرة حق السلطة الشرعية في التحكم بقرار الحرب والسلم، قد حشرت الميلشيا في زاوية ضيقة، وسوف يتغير حتماً موقف المجتمع الدولي الذي كان يتغاضى عن جرائم هذه الميلشيا الطائفية فقط لأنه جزء من أجندته لمحاربة الأغلبية من أمة المسلمين.
أما اليوم فإن إصرارها على تهديد حياة أكثر من مليون ونصف من النازحين في مأرب من خلال مواصلة حربها العدوانية، ورفض مبادرة وقف إطلاق النار، يقدمها كطرف عقائدي يرى إيران فوق اليمن ومصالحه وأمنه واستقراره، وأنها ليست إلا بيدق في لعبة الشطرنج الطائفية التي تؤديها إيران من خلال استثماراتها القاتلة في مثل هذه الميلشيات.