التجمع اليمني للإصلاح .. الواقع والطموح

تأسس حزب التجمع اليمني للإصلاح في 13 سبتمبر عام 1990 في أجواء مفعمة بالأمل والإنفتاح على العصر وذلك استجابة لأحد بنود اتفاقية الوحدة المباركة بانتهاج التعددية السياسية والديموقراطية الشوروية منهجا صارما لمرحلة الثورة اليمنية الجديدة، وكذلك كان المزاج العام لمعظم الأحزاب السياسية اليمنية الفاعلة في ذلك الوقت، مزاج تفاؤل واستبشار.
كنت من بين الحاضرين في بيت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله تعالى ساعة الإعداد للتأسيس، وكان من بين المقترحات التي وضعت للتسمية مقترح يسم الحزب بوسم الصبغة الإسلامية، غير أن المقترح لم ينل حظا من الموافقة من قبل العقلاء والساسة المجربين خشية أن يؤدي ذلك إلى مفهوم إقصائي للأحزاب الأخرى عن دائرة الإسلام الواسعة، وهكذا كان الإجماع على اختيار وسم الإصلاح للمولود الجديد كعنوان للمرحلة وكإمتداد للحركة الإصلاحية التي بدأت مبكرا في اليمن قبل ذلك بعقود.
المسيرة الهادئة
بدأ الإصلاح مسيرته السياسية بهدوء وتناغم شديدين مع القوى السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية وعلى رأسها المؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي اليمني وبقية الأحزاب الأخرى التي انتهجت الديمقراطية وسيلة للتعبير والإصلاح والتطلع إلى الحكم.
ثم جاءت فترة الإختبار الحقيقي لمكامن القوة والضعف في بنية الحزب الوليد وذلك بخوض أول انتخابات عامة في تأريخ اليمن بذلك الحجم وبذلك الإمتداد السياسي والجغرافي. وكانت المنافسة شديدة حقا خاصة بين الأحزاب الثلاثة المذكورة آنفا. وكانت النتيجة مشجعة للغاية حيث فاز الإصلاح بالمركز الثاني بعد المؤتمر الشعبي العام وفاز الحزب الإشتراكي بالمركز الثالث فعليا، غير أن حكمة قياديي الحزب وعلى رأسهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أبت إلا أن تُعلن النتيجة بفوز الإصلاح بالمركز الثالث مراعاة للأخوة وتشجيعا للعاملين في الحقل السياسي أن يكون هدفهم الأول الوطن قبل الحزب.
وظل الإصلاح يواكب مسيرة الدولة والوحدة في انصهار كامل مع الأهداف الوطنية كما حددها الدستور وخاض منافسات معتبرة في الإنتخابات البرلمانية 1997 و 2003 والمحلية 2001 وكان من إحدى نتائجها تحول الإصلاح إلى صف المعارضة، ثم شكل بعد ذلك مع أحزاب المعارضة تكتل أحزاب اللقاء المشترك وكانت تجربة ناجحة في بدايتها لكنها لم تؤت أكلها بسبب التناقضات بين الأحزاب المكونة وتمترس بعضها خلف مبادئ عقيمة عفا عليها الزمن.

اختلال وتعثر
ثم بزغ فجر الربيع العربي وقاد الإصلاح سفينته في اليمن بالتعاون مع بعض القوى السياسية، لكن بعض تلك القوى وجدت فرصتها في ركوب الموجة لتحويل البوصلة إلى مسار لم يكن في الحسبان، وكانت أكبر غلطة آنذاك استيعاب المكون الحوثي في ذلك الحراك دون أن يتجرد من مرتكزاته الأيديولوجية الضيقة ودون أن يتخلى عن منهجه العسكري المليشاوي الأمر الذي أدى في النهاية إلى توسع الشقة بين الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام واستيلاء الحوثيين في النهاية على السلطة بانقلاب عسكري معد له سلفا وبضوء أخضر - ربما - من الداخل والخارج ، لكن لا بد من الإعتراف أن الإصلاح وبقية القوى التي شاركت في تعبئة الجماهير لم تكن تمتلك حينها استراتيجية واضحة ولم تتقيد بمبادئ وأهداف نابعة من الواقع اليمني، كانت قفزة عاطفية ومغامرة غير محسوبة النتائج ــ هذا رأيي الشخصي ـــ ولا شك أن الإصلاح وبقية المكونات السياسية بحاجة إلى إعادة تقييم ومراجعة لتلك المرحلة بصورة موضوعية دقيقة.

بعد الإنقلاب الحوثي، الإصلاح إلى أين؟
ــــــــــــــــــــــ
مما لا شك فيه أن التجمع اليمني للإصلاح حزب جماهيري لديه قاعدة عريضة من المنتسبين والأنصار والمؤيدين، كما إنه يتمتع بسمعة طيبة داخليا وخارجيا كما إن الفرص أمامه مواتية ليلعب دورا حيويا في الحراك الوطني حاضرا ومستقبلا وهو يشكل مع بقية الأحزاب والمنظمات المنضوية تحت لواء الشرعية صرح الوطن اليمني الحديث وقلعة الدفاع عن مكتسبات الشعب اليمني ضد الإنقلاب الحوثي والتشرذم الجهوي.
لكن، بالمقابل هناك عقبات ونتوءات في طريق الإصلاح اليوم أبرزها تشتت قياداته في أقطار متعددة وفقدان موارده خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي إضافة إلى تجميد المؤسسات الدستورية فعليا كمجلس النواب ومجلس الشورى والمجالس المحلية في المحافظات حيث كانت تتم المناقشات والمداولات وتبادل الآراء.
كما أن هناك محاولات مشبوهة لإسكات صوت الإصلاح وصدور أصوات نشاز وشحن عاطفي مريض ومأزوم من بعض التكتلات الطائفية والجهوية تكيل السباب والشتائم لرموز هذا الحزب ومنتسبيه دون تقيد بأخلاق العمل السياسي وتقاليد الشعب اليمني العريق خاصة في بعض وسائل التواصل الاجتماعي الغير منضبطة، لكن ذلك لن يؤثر مطلقا على مسيرة هذا الحزب بل سيزيده اصرارا على مواصلة السير بعزيمة وثبات على نفس النهج القويم الذي اختطه منذ تأسيسه.

#الاصلاح_اليمن_يجمعنا

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص