منذ انقلاب مليشيا الحوثيين الإرهابية على السلطة الشرعية والعملية السياسية، في سبتمبر 2014، ثم ظهور مليشيات انقلابية مناطقية عنصرية عنيفة في بعض المحافظات اليمنية، برز العنف والإرهاب كانعكاس لغياب دور الأجهزة الأمنية والفراغ الأمني، خصوصا أن الممارسات الإرهابية لتلك المليشيات، بمختلف توجهاتها، أوجدت بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية المعروفة، مثل تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
وكان لافتا أن مختلف الجماعات والمليشيات الإرهابية وجهت سهامها نحو التجمع اليمني للإصلاح، رغم العداوات فيما بينها وتباين مشاريعها، وكان عداؤها لحزب الإصلاح واستهداف قياداته ومنتسبيه بالقتل والاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب في السجون لدرجة الموت أحيانا أو الإصابة بالشلل، بسبب أنها ترى الإصلاح أبرز عقبة أمام مشاريعها الانقلابية والعنصرية الضيقة، لاسيما أن الإصلاح أعلن رفضه للانقلابات والعنف وسفك الدماء والتحالف مع السلطة الشرعية ضد المليشيات الانقلابية، كما أعلن تأييده لعملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية لدعم السلطة الشرعية ضد الانقلاب وتمدد النفوذ الإيراني في اليمن.
- مليشيات الموت والدم
لم يتوقف إرهاب مليشيات الموت والدم الذي يستهدف حزب الإصلاح منذ بداية الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثيين وحتى يومنا هذا، بل فتلك المليشيات ارتكبت أعمال عنف ودمار ضد الدولة ومقدراتها وضد الجيش الوطني وضد المجتمع اليمني بشكل عام، وحصدت أرواح آلاف الأبرياء، ونهبت الممتلكات العامة والخاصة، وكلما رسخت سيطرتها في مدينة أو محافظة يمنية، فإنها ترسخ بالتوازي مع ذلك ميراثا أسود من الكراهية، فإرهاب المليشيات بمختلف توجهاتها لم يقتصر على القيادات السياسية والحزبية وبعض قيادات الدولة، وإنما تسبب أيضا بسفك دماء عدد كبير من الأبرياء، كما تسبب بنزوح الآلاف من ديارهم، وتمثل السجون والمعتقلات السرية في مناطق سيطرة المليشيات وجها آخر للإرهاب الذي يجمع بين الدوافع الطائفية والمذهبية والسياسية والمناطقية، ويوجه سهامه غالبا نحو التجمع اليمني للإصلاح.
وإذا كان إرهاب المنظمات الإرهابية المعروفة، مثل "القاعدة" و"داعش"، موجها ضد الحكومات والجيوش النظامية، لكن المليشيات الإرهابية التي ظهرت في اليمن تمثل جيلا جديدا من المنظمات الإرهابية، ذلك أن إرهابها أشمل وأوسع، فهي لا تكتفي باستهداف قيادات الدولة والجيش الحكومي، وإنما تستهدف مختلف المكونات والأحزاب السياسية والمجتمع بشكل عام، ولم تستثنِ الدعاة والعلماء وفاعلي الخير وأساتذة الجامعات، فكل هؤلاء وأشباههم لا تتورع عن سفك دمائهم، وتعذب الصحفيين في سجونها، وتصدر بحقهم أحكاما بالإعدام، في سابقة لم تحدث في أي مكان في العالم أن تصدر مليشيا حكما بحق صحفي بتهمة ممارسة عمله الصحفي، وكل هذه الأعمال الإرهابية تكون بدافع أن الضحايا ينتمون لحزب الإصلاح.
- لماذا المليشيات الإرهابية تستهدف الإصلاح؟
منذ ثماني سنوات والمليشيات الإرهابية بمختلف توجهاتها وانتماءاتها ترى في التجمع اليمني للإصلاح عدوها الأول والأخير، وهو ما يعكسه إقدامها على اغتيال قيادات الحزب وأعضائه، ويعكسه أيضا خطابها الإعلامي الذي يشن دعاية سوداء بشكل متواصل ضد حزب الإصلاح دون كلل أو ملل، والهدف من تلك الدعاية السوداء تبرير الجرائم الإرهابية التي تستهدف الحزب أمام الرأي العام المحلي والأجنبي.
وأما الدوافع وراء كل ذلك العداء الموجه ضد حزب الإصلاح، فيتمثل في سببين رئيسيين: الأول، أن تلك المليشيات الإرهابية غاظها موقف الإصلاح المساند للسلطة الشرعية ضد الانقلاب، لاسيما أنه حزب يحظى بشعبية واسعة في مختلف المدن والقرى اليمنية، كما أنه عابر للمناطقية والمذهبية والقبلية وغير ذلك من الانتماءات الصغيرة والبدائية التي تتغذى منها المليشيات الإرهابية والانقلابية المختلفة.
والسبب الثاني، أن الجماعات والمليشيات الإرهابية يغيظها الفكر المعتدل الذي يتبناه التجمع اليمني للإصلاح، كونه يُحجم فكرها الإرهابي المتطرف ويحاصره ويقزمه، أي أنه يجفف منابع الإرهاب والتطرف، ويفضح المشاريع الصغيرة والضيقة ويحذر منها، وأكبر دليل أن الجماعات الإرهابية تعمل جاهدة للقضاء على الفكر المعتدل الذي يجفف منابع الإرهاب، أنها اغتالت عددا كبيرا من الدعاة والعلماء المنتسبين لحزب الإصلاح وللتيار السلفي على حد سواء، وخصوصا من يحظون بشعبية كبيرة وعرفهم المجتمع بوسطيتهم واعتدالهم.
- ملفات قانونية دولية
عندما اشتدت وتيرة الأعمال الإرهابية ضد حزب الإصلاح في العام 2018، قال فرع التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن إنه يعد ملفات قانونية لتقديمها للمحاكم والمنظمات الدولية بشأن ما تعرض له على مدى ثلاث سنوات حتى ذلك الحين، وقال في بيان إنه تعرض بين عامي 2015 و2018 لنحو 22 انتهاكا تراوحت بين القتل والاعتقال والإخفاء القسري واقتحام المنازل ومقار الحزب.
وشدد حزب الإصلاح، في بيان نشره يوم 25 أغسطس 2018، على أنه لن يفرط بحقه "إزاء كل تلك الجرائم" المرتكبة والموجهة ضد كوادره وأعضائه، مؤكدا أنها لن تسقط بالتقادم، موضحا أنه بصدد إعداد الملفات القانونية الكاملة أمام المحاكم والمنظمات الدولية عقب تقديمها للمنظمات والمحاكم اليمنية.
وأوضح حزب الإصلاح أن رموزه وكوادره بعدن تعرضت للاستهداف بالقتل المباشر والإخفاء القسري عقب سيطرة ما قال إنها جماعات مسلحة على عدن بعد استعادتها من قبضة مليشيا الحوثيين عام 2015.
- حصاد جرائم العنف والإرهاب
ما يزال التجمع اليمني للإصلاح يدفع فاتورة مساندته للدولة ضد المليشيات الانقلابية والإرهابية منذ ثماني سنوات، وما تزال تلك المليشيات تواصل سفك دماء أي قادة إصلاحيين تصل إليهم رصاصاتها، ولولا الاحترازات الأمنية لقيادات الإصلاح وناشطيه، ومغادرة كثير منهم مناطق سيطرة المليشيات، سواء إلى خارج الوطن أو إلى محافظات أكثر أمنا، لكانت المليشيات الإرهابية قد ارتكبت عددا لا يحصي من التصفيات الجسدية بحق قيادات الإصلاح وناشطيه.
ولتسليط الضوء على حجم جرائم المليشيات الانقلابية والإرهابية التي استهدفت حزب الإصلاح، منذ أواخر العام 2014 وحتى نهاية العام 2022، أعددنا في "الإصلاح نت" ملفا عن أبرز تلك الجرائم، التي اشتدت وتيرتها خلال السنوات الأولى من الانقلاب (2016، 2017، 2018)، وكانت أكثر المحافظات التي شهدت أعمالا إرهابية استهدفت قيادات في حزب الإصلاح: تعز، عدن، الضالع، ذمار، إب، والحديدة، بالإضافة إلى عمليات إرهابية متفرقة شهدتها محافظات أخرى.
وفيما يلي أهم العمليات الإرهابية التي استهدفت قيادات التجمع اليمني للإصلاح في العاصمة المؤقتة عدن:
- 15 أغسطس 2016: اغتيال رئيس الدائرة القضائية للإصلاح في عدن، الشيخ صالح حليس، في مديرية المنصورة، من قبل مسلحين يستقلون دراجة نارية.
- 12 ديسمبر 2017: اغتيال عضو مجلس شورى الإصلاح في عدن الشيخ فائز فؤاد، وهو أيضا إمام وخطيب مسجد عبد الرحمن بن عوف، واغتيل بإطلاق النار عليه أمام منزله.
- 13 فبراير 2018: اغتيال القيادي الإصلاحي شوقي كمادي، رئيس دائرة التنظيم والتأهيل للتجمع اليمني للإصلاح في عدن، وإمام جامع الثوار بالمعلا، واغتيل خلال مروره بأحد شوارع المعلا من قبل مسلحيْن أطلقا عليه النار ولاذا بالفرار.
- 9 مايو 2018: اغتيال القيادي الإصلاحي المحامي صفوان عبد المولى الشرجبي أمام منزله بمدينة المعلا.
- 19 سبتمبر 2018: اغتيال الناشط الإصلاحي علي محمد الدعوسي، أمام منزله في حي "إنماء" بالعاصمة المؤقتة عدن، بعد أن استدعاه مسلحون على متن سيارة، وفور خروجه أطلقوا عليه النار بكثافة أمام زوجته وأطفاله ثم لاذوا بالفرار.
- 23 سبتمبر 2018: اغتيال التربوي الإصلاحي رمزي الزغير، مدير مدارس البنيان الأهلية في عدن، من قبل مسلحين على متن سيارة أطلقوا عليه النار أثناء خروجه من المدرسة أمام طلابه.
- 2 أكتوبر 2018: مواطنون يعثرون على جثة رئيس جمعية الإصلاح الخيرية في عدن محمد الشجينة، بعد ساعات من اختطافه من قبل مسلحين اعترضوا سيارته بالقرب من منزله، وأظهرت الصور أنه قُتِل ذبحا بعد تعرضه للتعذيب وهو معصوب العينين.
- 30 يونيو 2021: مجموعة مسلحة اغتالت القيادي الإصلاحي بلال منصور الميسري، أمام منزله في المنصورة بالعاصمة المؤقتة عدن.
وهناك عمليات إرهابية فاشلة استهدفت قيادات في حزب الإصلاح بمدينة عدن، فيما يلي أهمها:
- 29 ديسمبر 2015: شهد هذا اليوم أول عملية إرهابية لاستهداف قيادي إصلاحي في مدينة عدن هو أنصاف مايو، أثناء اجتماع في المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح في عدن، والقيادي أنصاف مايو رئيس فرع حزب الإصلاح في عدن، وعضو في مجلس النواب اليمني، وأيضا عضو في البرلمان العربي.
- 22 أكتوبر 2017: نجاة القيادي الإصلاحي الشيخ محمد علي الناشري، إمام وخطيب جامع الرحمن في منطقة اللحوم بالعاصمة المؤقتة عدن، من محاولة اغتيال بعد أن اكتشف بنفسه العبوة الناسفة التي زرعت في سيارته.
- 17 يوليو 2018: فشل محاولة اغتيال القيادي الإصلاحي صادق أحمد ومرافقيه بمدينة القلوعة برصاص مسلحين كانوا يستقلون سيارة "كورولا" معتمة وباص "هايس".
-31 يوليو 2018: محاولة اغتيال فاشلة استهدفت الدكتور عارف أحمد علي، عضو مجلس شورى إصلاح عدن، بعبوة ناسفة زرعت في سيارته واصابة نجله بإصابات بليغة.
- 8 أغسطس 2018: فشل محاولة اغتيال رئيس المكتب القانوني وعضو المكتب التنفيذي للإصلاح بعدن، المحامي عرفات حزام، بعبوة ناسفة زرعت في سيارته.
- 9 سبتمبر 2018: محاولة اغتيال الناشط في إصلاح عدن مروان الراعي بزراعة عبوة ناسفة تحت سيارته.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن هناك عددا كبيرا من العمليات الإرهابية الفاشلة التي استهدفت قيادات في حزب الإصلاح في محافظات يمنية عدة، بالإضافة إلى عمليات زرع عبوات ناسفة لعدد من القيادات ومداهمات لمقرات وحرقها وتفجير قنابل ومتفجرات فيها وإتلاف محتوياتها أو نهبها، ليكون بذلك حزب الإصلاح الأكثر تضررا من إجرام المليشيات الإرهابية بمختلف توجهاتها.