في عصرنا الحديث، يمكننا أن نشهد أهمية التكافل الاجتماعي في المجتمع وتأثيره الإيجابي على حياة الناس. إن التكافل والتماسك الاجتماعي ليس مجرد مفهومٍ نظري، بل هو عمليةٌ فعلية تحدث عندما يتحد المجتمع لمساعدة الأفراد المحتاجين وتحسين ظروفهم.
ففي المجتمع، لا يمكن للإنسان أن يعيش بمعزل عن غيره، ويجب أن يتخلص من الأنانية والتركيز الشخصي. قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"، وهذا يعني أنه يجب على الإنسان أن يمد يده لأخيه ويقويه عندما يضعف، وينهض به عندما يتعثر، ويعلمه عندما يجهل، ويطعمه عندما يجوع. وإذا تركه يمرض أو يجوع وهو بوسعه مساعدته، فإنه يخونه ويتخلى عن مسؤوليته.
وتتجلى المسؤولية المجتمعية في التكافل والتماسك الاجتماعي في مجموعة من الجوانب، مثل توفير الغذاء والشراب والملبس والمسكن، وهي الاحتياجات الأساسية في الحياة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتاح للإنسان أدوات المهن والتأهيل اللازمة لدخول سوق العمل. ويجب أن تتعاون مختلف أطراف المجتمع، بما في ذلك الدولة والقطاع الخاص والمنظمات، لضمان تكامل الأدوار وتحقيق الاستقرار والتطور المستدام.
وفي وقتنا الحاضر، يعاني الكثيرون من ظروف صعبة، حتى أنه وجد بعض الأسر لا تجد ما تأكله سوى وجبتين في اليوم. إن الفقر أصبح مشكلة كبيرة تتسع وتتفاقم، ويجب على الجميع التعاون والتكاتف والتراحم، وأن تتحد جهود المجتمع ككل. قال علية الصلاة والسلام: "لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ و جَارَهُ جَائِعٌ".
ومع حلول شهر رمضان المبارك وإخراج الزكاة من الميسورين، يمكن للمجتمع المساهمة في رفع المستوى المعيشي للأشخاص المحتاجين ومساعدتهم على الخروج من دائرة الفقر، وضمان توفر مشاريع مستدامة لهم على مدار الحياة. ومن الضروري أن تكون عمليات التحديد والتسجيل للمحتاجين دقيقة وعادلة وأعادة مراجعة كشوفاتهم لمن هو محتاج، ويجب على المجتمع تشجيع التعاون مع الأشخاص المعسرين والمحتاجين، وتذكير الجميع بحقوقهم.
وفي الواقع، نشهد اليوم الدور الكبير الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في هذا الصدد، حيث تؤدي رسالتها الإنسانية النبيلة في ظل قدرات الدولة والقطاع الخاص المحدودة.
لذا، نؤكد اليوم على أهمية التكافل الاجتماعي للفرد وللمجتمع بشكل عام، و خاصة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي تواجهها البلاد. فالتكافل هو جوهر الحياة بالنسبة للمجتمعات، ومن خلاله تنبثق المحبة والتعاون، ويتلاشى الغل والحقد من النفوس. وبالتالي، فإن التكافل الاجتماعي ليس مجرد خيار للأفراد، بل هو ضرورة أساسية يجب التمسك بها والعمل بها طوال الحياة. الحديث الشريف: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ".
لذلك، يجب أن نسعى جميعًا لتعزيز ثقافة التكافل والتماسك الاجتماعي والانخراط في أعمال تطوعية وإنسانية ومبادرات تعمل على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.و إن العمل المشترك بين الأفراد والمنظمات والدولة يمكن أن يؤدي إلى تحقيق تغيير إيجابي حقيقي في حياة الأشخاص المحتاجين وتعزيز التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع. فلنتحد جميعًا لبناء مجتمع أفضل وأكثر إنسانية.
د