لا شك أننا - المحافظات الشرقية الأربع - كنا ضمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت تحكم مجموع (أراضي مستعمرة عدن وسلطنات المحميتين الغربية والشرقية وجزر البحر العربي والمحيط الهندي والبحر الاحمر).
وللأمانة التاريخية إننا في المحمية الشرقية - المحافظات الأربع اليوم - كنا نرى اليمن صنعاء وعدن وما حولهما.. ونقول عنهم "يمنيون" أو "يمانية". وحتى في مهاجرنا هناك تمييز سياسي بيننا وبين اليمنيين وحتى بيننا نحن كرعايا السلطنات الشرقية.. فيقال حضرمي ومهري. ولكنا أيضا كنا نحمل جوازات كلٍ من حكومة عدن أو حكومة صنعاء حينها - قبل الثورتين - وبعد الثورة استمر أبناء هذه المحافظات بحمل جوازات صنعاء أو عدن لتسيير أعمالهم وفقاً لنظم الهجرة والإقامة في دول المهجر التي يتواجدون فيها تبعاً للتسهيلات التي تُمنح لرعايا حكومة صنعاء دون حكومة عدن -دول الخليج العربي مثلاً - أو العكس. فهناك شعور عام أننا أبناء وطن واحد ولم تكن توجد حساسية الحدود السياسية بين الشعوب كما هي اليوم.
وهذا الشعور العام بالانتماء لوطن واحد كان ركيزة أساسية من ركائز نضال الحركة الوطنية اليمنية في عدن وبشكل خاص تنظيم الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن في نضالها التحرري من الاستعمار وتوحيد كل هذه الأراضي الشاسعة في دولة وطنية واحدة عام ٦٧.
فنحن في شرق اليمن كنا ضمن دولة يمنية من باب المندب إلى صرفيت. وهذا تاريخ نظام سياسي قام في جزء من اليمن لا ننكره، بل نعتز بإنجازاته التنموية وبالوحدة السياسية التي أقامها على كل هذا الامتداد الشاسع من اليمن. لكنا لم نكن ضمن هوية جهوية جديدة اسمها الهوية الجنوبية أو الجنوب العربي كما يحاول البعض اعتساف التاريخ لإثباتها. كنا ولا زلنا يمنيين في شرق اليمن حسب الجغرافيا.. وتبعيتنا لحكومة عدن كانت تبعية مواطنين لنظام سياسي لم يعد قائما اليوم.
وقول البعض اليوم إنه جنوبي، يقابله قول الآخر إنه قعيطي أو كثيري أو واحدي، فكلها نظم سياسية وحكومات قامت ثم دالت وبقي الشعب محتفظاً بهويته الوطنية وثقافته الاجتماعية وعلاقة الأخوة والجوار بسائر أقاليم اليمن ودول الجوار الشقيقة في السعودية وعمان.
فنظام الحكم السياسي الذي كان في جنوب اليمن قبل ٩٠. مصيره مصير نظم الحكم السياسية التي كانت في المكلا وبئر علي وقشن وسيئون وبيحان ونصاب وزنجبار ولحج ومستعمرة عدن، قبل ٣٠ نوفمبر ٦٧.