قال أبو عبيدة متحدث كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، مساء الثلاثاء، إن إسرائيل "عالقة" في قطاع غزة، وتعرقل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار المستمر منذ أكثر من 6 أشهر.
حديث أبو عبيدة جاء في كلمة مصورة مدتها نحو 20 دقيقة وجَّه فيها رسائل سياسية وعسكرية، بمناسبة مرور 200 يوم من معركة "طوفان الأقصى"، وهي أول كلمة مصورة له منذ شهر ونصف الشهر.
وقال أبو عبيدة إن "العدو (الإسرائيلي) عالق في غزة (منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023)، ولم يستطع خلال 200 يوم أن يحقق سوى المجازر الجماعية والتدمير والقتل".
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 111 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
مماطلة إسرائيلية
وبخصوص جهود وقف إطلاق النار، قال أبو عبيدة إن "حكومة العدو (الإسرائيلية) تماطل للوصول إلى صفقة للتبادل، وتحاول عرقلة جهود الوسطاء للوصول لوقف النار".
وبوساطة قطر ومصر، تجري "حماس" وإسرائيل منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة متعثرة للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وتحتجز تل أبيب في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني، وتقدر وجود نحو 134 أسيرا إسرائيليا في غزة، فيما أعلنت "حماس" مقتل 70 منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
وفي أكثر من مناسبة، قال قادة سياسيون وعسكريون في إسرائيل إن استمرار الحرب وزيادة الضغط العسكري على "حماس" من شأنه إجبارها على القبول بأي صفقة لتبادل الأسرى.
غير أن أبو عبيدة أكد أن "ما يُسمى بالضغط العسكري (الإسرائيلي) لن يدفعنا إلا للثبات على مواقفنا والحفاظ على حقوق شعبنا".
وتواصل إسرائيل حربها المدمرة على غزة رغم صور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فورا، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العد الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
وتابع أبو عبيدة: "لن نتنازل عن الحقوق الأساسية الإنسانية لشعبنا، وعلى رأسها وقف العدوان، وانسحاب العدو، وعودة النازحين، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار".
ومنذ 17 عاما، تحاصر إسرائيل قطاع غزة، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية.
وأردف أبو عبيدة أن "قوات الاحتلال تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل المقاومة، وهذه أكذوبة كبرى".
وتوعد إسرائيل بقوله: "سنواصل ضرباتنا ومقاومتنا ما دام الاحتلال مستمرا على أي شبر من أرضنا".
ومضى قائلا إنه "بعد 200 يوم من معركة طوفان الأقصى لا يزال العدو المجرم يحاول لملمة صورته".
وفي 7 أكتوبر الماضي، شنت "حماس" هجمات على قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على "جرائم الاحتلال اليومية بحث الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى"، وفق الحركة.
سيناريو رون آراد
وبشأن الأسرى الإسرائيليين، قال أبو عبيدة: "نريد أن نسأل جمهور العدو: أين شاؤول آرون؟ وهدار جولدن؟.. لا زالا في قبضتنا منذ 10 سنوات".
وتابع: "وأين الأسير الإثيوبي منغستو؟ وأين هشام السيد؟.. طواهم النسيان؛ لأنهم ليسوا من اهتمامات (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو وزوجته ولا حكومته المتطرفة".
وفي غزة، تحتفظ "حماس" بجنديين إسرائيليين هما شاؤول وغولدن، بعدما أسرتهما في حرب صيف 2014 ضد إسرائيل، فيما تقول تل أبيب إنهما قُتلا وتحتجز الحركة رفاتهما.
كما تحتفظ "حماس" بالمدنيَين الإسرائيليين أبرا منغستو وهشام السيد، منذ أن دخلا غزة في ظروف غامضة في سبتمبر/ أيلول وديسمبر/كانون الأول 2014.
واعتبر أبو عبيدة أن "سيناريو رون آراد (طيار إسرائيلي) ربما يكون الأوفر حظا للتكرار مع أسرى (إسرائيل) في غزة".
ومنذ 1986، فُقد أراد، وترجح تقارير إعلامية عبرية أن تكون "حركة أمل" اللبنانية ألقت القبض عليه، وسلمته إلى "حزب الله" إبان سنوات الصراع مع إسرائيل في جنوب لبنان (1985ـ 2000).
لكن في 2006، نفى الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله علمه بمصير آراد، وقال في مقابلة متلفزة إنه يعتقد أنه "ميت وضائع".
واستطرد أبو عبيدة أن "عائلات الأسرى ستدرك، لكن ربما بعد فوات الأوان، أن حكومتهم الفاشية ارتكبت بحقهم كارثة ومأساة ستظل حاضرة لوقت طويل، وسيعانون هم منها كعائلات".
وزاد بأن هذا سيحدث: "بعد أن يكون نتنياهو انتهى من مناوراته السياسية والألعاب البائسة، فالكرة في ملعب مَن يعنيه الأمر من جمهور العدو، ولكن في وقت حرج وضيق وخطير".
ردة فعل هستيرية
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة بدعم أمريكي، شنت جماعات في اليمن ولبنان والعراق هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية؛ تضامنا مع القطاع الفلسطيني.
وقال أبو عبيدة إن "ردة الفعل الهستيرية (من إسرائيل) تجاه الفعل المقاوم من مختلف الجبهات تدل على أهمية العمل المقاوم".
واعتبر أن "أَولى الجبهات بالمقاومة هي جبهة الضفة الغربية، ونحيي كل شبر من ضفتنا الحرة الأبية".
وأعرب عن اعتقاده بأن "رد إيران بحجمه وطبيعته وضع قواعد جديدة وأربك حسابات الاحتلال".
وفي 13 أبريل/ نيسان الجاري، أطلقت إيران من أراضيها نحو 350 صاروخا وطائرة مسيرة على إسرائيل؛ ردا على هجوم صاروخي استهدف القسم القنصلي بسفارة طهران لدى دمشق مطلع الشهر نفسه.
وبعد 6 أيام من الرد الإيراني غير المسبوق، شنت إسرائيل هجمات بطائرات مسيرة تم إسقاطها في سماء مدينة أصفان وسط إيران، وفق مصادر متطابقة.
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وبينهما عقود من العداء واتهامات بشن هجمات متنوعة متبادلة.