وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" جانبا من وحشية قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال معتبرة الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الأسرى ترقى إلى "جرائم حرب".
وتوقف تقرير للمنظمة عند التعرية القسرية للأسرى -بما فيهم الأطفال- حيث تعمد جنود الاحتلال "تجريدهم من ملابسهم بالكامل"، معتبرة ذلك "معاملة غير إنسانية واعتداء على كرامتهم الشخصية".
وحسب تقرير المنظمة، لم يكتف جنود الاحتلال بذلك، بل "التقطوا صورا، وفيديوهات للأسرى وهم عراة، ثم نشرها جنود إسرائيليون أو وسائل إعلام".
وحللت "هيومن رايتس ووتش" 37 منشورا وصورة للفلسطينيين المحتجزين وأغلبهم من الرجال والفتية في قطاع غزة والضفة الغربية، "غالبا مجردين من ملابسهم باستثناء الداخلية منها، وفي بعض الحالات عراة تماما".
وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم يظهرون مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين ومصابين، وتضمنت بعض المنشورات تعليقات "مهينة ومذلة" كتبها جنود أو صحفيون إسرائيليون، وفقا للمنظمة. وأزالت منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" بعض هذه المنشورات.
واستشهدت المنظمة بمقطعي فيديو يظهر أحدهما جنديا إسرائيليا "يضع أوراقا نقدية من فئة الدولار على ركبتي أسيرين مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين وجالسين القرفصاء، كـ"مباركة" بينما يسخر منهما، ويطلب منهما تكرار عبارات بالعبرية. ونشر الجندي أيضا تعليقات مهينة رافقت بعض المشاهد المنشورة".
وفي حالة أخرى، نشر جندي إسرائيلي في غزة صورة على "فيسبوك" تظهر 22 أسيرا في صف واحد، وهم مجردون من ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية، وبعضهم معصوبو الأعين. ويبدو أن هناك طفلين على الأقل بين المحتجزين.
ويقول التعليق "كجزء من مهمتنا، أبقينا إرهابيي حماس قيد الاعتقال. سنكتفي بهذه الصورة، هناك صور ليست للنشر".
كما تظهر صورة أخرى نشرها جندي إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية ـبحسب تقارير إعلاميةـ على "إنستغرام" وهو يقف أمام 6 أسرى على الأقل وظهورهم للكاميرا، ولا يرتدون سوى ملابسهم الداخلية، راكعين على الأرض ومكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، وأذرعهم فوق رؤوسهم. ويقول التعليق على الصورة، "أمي، أعتقد أنني حررت فلسطين".
جريمة حرب
واعتبرت المنظمة "التعرية القسرية التي يتبعها التقاط صور ذات طابع جنسي ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي شكلا من أشكال العنف الجنسي وجريمة حرب أيضا".
وذكرت أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أفادت تقارير إعلامية أوردتها المنظمة الحقوقية في تقريرها بأن القوات الإسرائيلية احتجزت آلاف الفلسطينيين من غزة في قاعدة "سدي تيمان" العسكرية جنوبي إسرائيل، حيث تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب، وتوفي 36 على الأقل أثناء الاحتجاز، وفقا لتقارير إعلامية.
ملاحقة الجلادين
وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، لم تُدن الحكومة علنا معاملة المحتجزين الفلسطينيين الذين ظهروا في الصور. كما لم تعلن السلطات القضائية عن أي ملاحقات قضائية لهذه الجرائم. مضيفة أنها لم تتلق أي رد من "مكتب الدبلوماسية العامة" في الجيش الإسرائيلي عندما خاطبته في 15 يوليو/تموز الجاري.
وقالت بلقيس جراح، مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش بالإنابة، إن السلطات الإسرائيلية "تجاهلت لأشهر نشر عناصر من جيشها صورا وفيديوهات مهينة يظهر فيها فلسطينيون محتجزون لديها وهم عراة أو شبه عراة".
وبشأن إمكانية ملاحقة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، قالت "يمكن تحميل كبار المسؤولين والقادة العسكريين المسؤولية الجنائية عن الأمر بارتكاب هذه الجرائم أو عدم منعها أو معاقبتها، من خلال سبل تشمل المحكمة الجنائية الدولية".
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية طلب في مايو/أيار الماضي من القضاة إصدار أوامر توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت لكن تلك المذكرات لم تصدر رسميا حتى الآن.