جماعة الحوثي .. استراتيجيات نشر فكرها العقدي، وغياب المشروع التنموي!

تدرك جماعة الحوثي، المصنفة ضمن الجماعات الإرهابية في العديد من الدول، أهمية السيطرة على "الوعي الجمعي" للشعب اليمني خاصة وشعوب المنطقة عامة، فمن أعمدة استراتيجيتها السياسية والعسكرية، التمحور حول القضايا الكبرى والتي يتفق الجميع على أهميتها بدءً من العداء لأمريكا -الذي لا يختلف إثنان على طغيانها- ثم تبينها للقضية الفلسطينية العادلة كأحد ركائز دعوتها، وفي ثنايا تمحورها تسعى للترويج لعقيدتها المتطرفة وفكرها الخبيث، فعمدت إلى أساليب شتى خلقت تفاعل مباشر مع مكونات المجتمع اليمني، سواء عبر التعليم، أو الإعلام، أو حتى الفنون.

وقد عمدت الجماعة إلى تحوير المناهج الدراسية لتصبح مواد تروج لأفكارها وتوجهاتها، محولةً التعليم إلى دورات طائفية تغسل الأدمغة، وتعمل على غرس قيمها الفاسدة، ليس هذا فحسب؛ بل قامت أيضاً بتسخير الثقافة والفن في خدمتها، حيث قدمت الزوامل كبديلٍ للإغنية الوطنية، لتعزز من روح القتال والانتماء للجماعة. هذا الاستخدام الثقافي الدخيل يعكس إدراك الجماعة العميق لأهمية الهيمنة على الفضاء العام؛ كسبيل لتوحيد صفوفها وتوسيع قاعدة تأييدها بحشد الناس حول القضايا الكبرى، وإغفالهم عن واجباتها نحوهم كجماعة تدير مقدرات دوله وشعب.

ولعل من أحد أبرز جوانب مخططات الحوثي؛ استغلال الإعلام، فأوجدت الجماعة قنوات مخصصة لإيصال رسالتها، بدءًا من إنشاء قنوات وإذاعات محلية موجهة للشعب بالداخل وللقبيلة كذلك، وصولًا إلى افتتاح قنوات فضائية خاصة، تركز على نشر خطاباتها وترويج رؤيتها عن المجتمع والدولة. تدرك الجماعة أن الإعلام هو سلاح فعّال في يدها، يمكن أن يسهم في تحشيد الدعم خلف مشروعها السياسي.

ومع ذلك، إذا نظرنا في الإنجازات الحقيقية على الأرض، سنجد أن الحوثي لم يحقق أي إنجازات تخدم مصلحة الشعب اليمني. فلا سدود أُنشئت، ولا مستشفيات أُنجزت، ولا مصانع بنيت. حتى في المجال الديني والثقافي، يبرز السؤال: أين الحفاظ على القرآن الكريم من جماعة تسمي نفسها "المسيرة القرآنية"؟! كل هذه النقاط تشير بوضوح إلى أن الجماعة لا هم لها سوى السيطرة والحكم، وجمع المقاتلين، في حين تتجاهل بشدة تقديم أي مشروع تنموي حقيقي يستفيد منها الناس!

تبدو استراتيجيات الحوثي أكثر ارتباطًا بالمشاريع الفارسية التي تمس الأمن القومي للدول في منطقة جزيرة العرب، تلك المشاريع تأتي كجزء من مخطط أكبر يسعى إلى نشر الفوضى والانقسام، مما يسهل للجماعة للسيطرة على أكبر قدرٍ من الأراضي والمساحات والأفكار، فلا تكتفي بأنها فصيل عسكري يريد يحكم اليمن، بل تمثل أداة سياسية لتنفيذ أجندة غير وطنية لمشروعٍ عالمي.

إن استمرارية الحوثيين في التحكم بالخطاب العام وفي استغلال الأزمات الإنسانية والفكرية لن تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والتعقيد في الوضع اليمني. والمطلوب الآن هو تخطيط استراتيجيات مضادة وفعَّالة تساهم في تعزيز الوعي، وفتح آفاق جديدة للشعب اليمني للخروج من هذه الدائرة المظلمة التي تسيطر عليها الجماعة، فيكون هناك قضايا كبرى يلتف حولها الناس ولعل قضية توحيد الصف الجمهوري وتحقيق العدالة الاجتماعية للناس أول ما يجب التركيز عليه، وكذا الحرص على تقديم نموذج متفوق في المناطق المُحررة من أمنٍ حقيقي، وقضاءٍ عادل، وخدمات البنى التحتية صالحة، مما يعزز ثقة الناس بالشرعية ليلتفوا حولها، فيكونون عونًا لها ضد مشروع الحوثي الطائفي السلالي.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص