مهما بلغت الخلافات والتباينات بين مختلف المكونات اليمنية وأيًا كانت المواقف والاصطفافات في وقتنا الحاضر، فإنه لا يمكن على الإطلاق نفي حقيقة الترابط والتلازم الكبيرين بين ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر، وانتصار المشروع الوطني بانتصار كل منهما.
لقد تجلت حالة التلازم والارتباط والترابط الثوري بينهما في مشروع الثورتين الوطني الكبير وتتابعهما في الميدان. فقد كان انتصار سبتمبر في صنعاء محفزًا لإطلاق أكتوبر في عدن، انطلاقًا من جبال ردفان الشماء، وبانتصار الثانية تم إسناد الأولى ودعم جمهوريتها الوليدة في مواجهة قوى الملكية في معركة السبعين. وبهزيمة جحافل الملكيين تعزز موقف الجمهورية المستقلة في عدن بمساندتها من صنعاء حتى جلاء آخر جندي بريطاني في الثلاثين من نوفمبر. وقد تجسد بتتابع الثورتين السبتمبرية والأكتوبرية والإسناد المتبادل مدى التلازم الثوري وحجم الترابط ووحدوية النهج والمصير والنضال المشترك.
ومما عزز حالة التلازم والترابط بينهما ما تشكل تجاههما من الإجماع الوطني الشامل على امتداد نطاق الجغرافيا اليمنية والإسناد الشعبي، وبكوكبة الرجال من مناضلي الحركة الوطنية الذين قدموا من كل أرجاء الوطن شماله وجنوبه للإسهام بالثورة في صنعاء والانتقال للمشاركة في الثورة بعدن والدفاع عن كل منهما.
ويتواصل العهد لثورة السادس والعشرين من سبتمبر وثورة الرابع عشر من أكتوبر في ظل ما تعيشه اليمن اليوم بالإيمان المتجدد لدى الأجيال الجديدة من اليمنيين بعظمة الإرث الخالد لهما، وبما تشكل لهما في نفوس الشعب اليمني من الرصيد الزاخر الذي سيبقى ملاذًا للشرفاء والمخلصين لمواجهة ما تعيشه البلاد من مظاهر الردح والتردي والتراجع.
إن الاحتفاء الكبير بهذه المناسبة المجيدة يعكس مدى تجذر روح الثورة وقيمها ومبادئها التي ستبقى راسخة في حنايا كل يمني رسوخ جبال ردفان وشمسان وعيبان وشخب عمار، وكل جبال وهضاب وشعاب اليمن، والتي يستحضرها شعبنا اليوم في معركته الجديدة لاستعادة مؤسسات الدولة وسيادتها، خاصة بعد انكشاف المتدثرين من قوى ومليشيات ما قبل الدولة ومشاريعها الماضوية المتخلفة، وما يمثله حقيقة تواجدها في المشهد الحاصل حاليًا بكونها مجرد أدوات لقوى النفوذ والتوسع الطامعة باليمن والمنطقة.