يوما بعد يوم تزداد الهجمة الشرسة على كيان ( التجمع اليمني للإصلاح ) قيادة وأفرادا ومنهاجا وتوجها , هجمة يقودها جناح متخصص في رصد العثرات والهفوات وتلقف الأخطاء في التصريحات والمقالات وغيرها من الوقائع والأحداث , فيجعلون من ذلك مدخلا لما يريدون تحقيقه من أهدافهم حول عدم جدارة الإصلاح ليحكم الأمة ويقودها نحو الخير وقاصدين هز الثقة في مكانة التجمع ورجاله وبث الشكوك حول قرارات هيئاته ولجانه , وهو أمر يحلو للكثيرين الخوض فيه وخاصة من العوام الذين يرددون بكل قوة في المجالس والميادين هذه الأقاويل مضيفين لها ما يحلو لهم من البهارات والتحسينات الكلامية .
وهذه الهفوات في بعض التصريحات والمقابلات قد تكون ناتجة عن ضغط معين أو في ظروف خاصة قائلوها أدرى بها , ولكن المؤكد أنهم لم يفطنوا لحظتها لأثر ذلك بين الناس وسرعة استغلال الطرف الأخر له ليجعل منه قضية كبرى وموضوعا لا يُغتفر , فيتحمل عناءه شباب التجمع وقواعده التي تجني من وراءه مزيدا من الجهد والتعب والاحتقان في الدفاع والرد بمواجهة أبواق الخصوم وأعوانهم , ناهيك عن التوضيح والتفسير للمؤيدين والموالين والأعضاء المنتظمين .
فبيان العلماء الذي سُلم للرئيس ( هادي ) في مقابلة معه بقيادة الشيخ الفاضل ( الزنداني ) وطالبوا فيه " إلى الحفاظ على الوحدة ورفض أي تفريط أو انتقاص منها تحت أي مبرر أو مسمى كان من فيدرالية أو غيرها من مظاهر الانقسام وخطواته " فهذا المقطع فقط قد وجد من يثيره ويلبسه لباس العدائية ويتظلم حول ما يدعو إليه , وهو ما سبب حرجا لكثير من أطروحات الشباب في الساحات فكيف يستقيم أمر الدفاع عن القضية الجنوبية وحقوقها المنهوبة مع طلب منع الفيدرالية وهي إحدى واهم المطالب المطروحة .
وكذلك تصريح الأخ ( محمد قحطان ) في بداية الثورة حول ملاحقة علي عبد الله صالح ولو أدى الأمر إلى دخول غرفة النوم الخاصة به , فهذا القول قد سبب معضلة أحتار كثير من الشباب في الرد عليه لما يحمل في طياته من دلالات وإيحاءات لا يتقبلها المجتمع اليمني عامة , ولو تريث قليلا قبل النطق بها واختار غرفة غيرها لكفى القواعد عناء الرد على مثيري القيل والقال .
ومثل ذلك إصرار الأخ ( محمد اليدومي ) في برنامج ( بلا حدود ) بقناة الجزيرة على إطلاق لفظ الرئيس السابق على (علي عبد الله ) بدلا من لفظ المخلوع , وبرغم محاولة مقدم البرنامج صرفه عن ذلك إلاّ أنه أكد بان وجهة نظره الشخصية تراه ( الرئيس السابق ) , وهنا لا أجد مجالا لوجهة النظر الخاصة فالرجل خلعته الثورة عن الحكم ولم يخرج بانتخابات ولم يتنازل طواعية ولكنه فعل ذلك بثمن غال ونفيس ولولا ذلك لما تنازل مطلقا !
فهل يليق به لفظ الرئيس السابق ؟ ولقد محت الثورة وشهدائها وجرحاها كل قديم صحبة بالرئيس المخلوع ولو كان له يوما من انجاز فقد ذهبت به مجزرة جمعة الكرامة وكنتاكي , ولو كان له يوما من تقدير فقد أزالته اتهامه لحرائر الثورة بالفاحشة في ساحة التغيير .
وآخرها ما صرح به الشيخ صادق الأحمر في اجتماع مجلس شورى تحالف قبائل اليمن الذي عقد تحت شعار " القبيلة حضارة وبناء " موجها خطابه للحوثيين والحراك الانفصالي والقاعدة قائلا : " وان عليهم نبذ العنف وسفك الدماء وترك السلاح اذا أرادوا الانخراط في الحوار والعملية السياسية وان لا يفرضوا آراءهم ومعتقداتهم بالقوة حتى لا يضيق الشعب بهم ويحاربهم بنفس سلاحهم " فهكذا خطاب لا يقنع الطرف الآخر بالدخول في الحوار لما يحمل في طياته من لغة التهديد والوعيد ووضع الشروط المسبقة على الغير !
وأنا هنا أتحدث عن الحراك الجنوبي كطرف لم يصل إلى مستوى الحوثي في التسليح والحرب وقد شهد مع النظام ستة حروب دون حسم ولا ضيق !! ولا إلى دموية القاعدة وتفجيراتهم ! وبرغم الخلاف معه في وسائله وأساليبه وعاطفته المتهورة إلاّ أننا نلتقي عند حب الجنوب وإنصافه مما لحق به من ظلم وتهميش .
علما أن النظام السابق سيدخل الحوار مدججا بأسلحة الحرس الجمهوري والأمن القومي ! وهكذا ستظل القاعدة الإصلاحية تعاني من جراء حروف صغيرة يقولها من لم يدرك أبعادها مع علمه أنه يقع تحت أكبر عدسة في تلسكوب الخصوم .
وستظل دائما هذه القاعدة تدافع عن قيادتها وكيانها ثقة فيها وحبا لها , ولكنها تتمنى منهم بين الحين والحين ..الجلوس إليهم والإصغاء لهم وتوضيح ما خفي عنهم , فلن ينقص من قدر القائد المربي شيئا إن قال لهم يوما معتذرا : لقد أخطأت في هذا التصرف .. وقد تعلمنا درسنا ! فهلا أعذرتمونا .