يستعد اليمنيون للدخول في مرحلة الحوار الوطني, وعليه يعلق شعبنا آمالاً كبيرة في الخروج بحلول للمشكلات المتراكمة, وبرؤى واضحة وناجحة وعملية لمختلف القضايا الشائكة, ويدرك العقلاء أن الوصول إلى الحلول عن طريق الحوار أسلم وأضمن من الحروب والقوة والعنف .
وفي هذه الفترة - وأثناء الحوار - نحن بحاجة ماسة إلى من يفتح أبواب الخير ويغلق أبواب الشر, وإلى من يزرع الأمل وينَمّي الثقة ويبدد الشكوك, نريد أن تُظهر كل أطراف الحوار الحرص على التقارب والنجاح, والمرونة في التعاطي مع مختلف القضايا, نتمنى أن نرى الحكمة والتواضع والرحمة التي لا يقدر عليها إلا الأفذاذ وبعيدو النظر, ونرجو الابتعاد عن التعالي والغلظة والريبة, لأنها لا تصلح لغة بين الأخوة والأحباب, ولا تؤدي إلا إلى التباعد والتنافر !!
نريد أن نرى من يتفنن في البحث عن حل المشكلات لا من يجهد ذهنه ليصنع المعضلات ويجعل من الحبة قبة, نريد أن يتقدم من يفتح الآفاق ويسد الثغرات ويذلل الصعاب, ولن يذكر الناس بالخير من يكَبّر الصغيرة ويوَسّع دوائر الخلاف, ولامن يثير الضغائن ويستجرّ الأحقاد, فمعلوم أن المآسي والآلام كثيرة, وما الحوار الوطني سوى الوسيلة التي نأمل منها معالجة أخطاء الماضي وتداعياته, أما إثارة المواجع والبقاء عند الأنين والأحزان فإنه يثبط الهمم وينكأ الجروح ولا يساعد على الخروج من المآزق.
الحوار مخرج يحفظ للجميع حقوقهم, ولن يتم ذلك إلا بالاعتراف بحقوق الآخرين, وهذا يعني أن كل طرف لا يمكن أن يأخذ كل ما يريد, في نفس الوقت الذي لا يمكن تجاهل حقوقه ومطالبه, غير أن المحصلة النهائية ستعود بالنفع والخير على الشعب والوطن وعلى المتحاورين جميعاً, وبعيداً عن كل أساليب الوصاية أو العنف أوالابتزاز ...
لا نتوقع نتائج مثالية للحوار الوطني, والأمل أن يحرص المتحاورون أن يسددوا ويقاربوا, ويصلوا إلى الحد المعقول من المطالب, وستبقى قضايا مختلف حولها تترك للزمن وستعالج أثناء السير,ولاسيما حين تتحول الأفكار إلى مواد دستورية وتشريعات وقوانين تضمن الحريات والحقوق والشراكة في السلطة والثروة وتحجيم الاستبداد وتحقيق العدالة والمساواة وإقامة دولة المؤسسات بعيدا عن الأسرية والمناطقية, بهذا نكون قد اخترنا الطريق الصحيح وابتعدنا عن الأوهام والأمنيات.
نأمل أن لا يتأخر عن مائدة الحوار كل من له قضية, لأن مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ونهضته ليست حكراً على حزب أو جماعة أو فئة, ومع ذلك فإن الحوار يجب أن يمضي, ويظل الباب مفتوحاً لمن سيتأخر لأي سبب من الأسباب, فلم يعد ممكناً استبعاد أحد مثلما لا يمكن تعطيل مسيرة الحوار ولا إيقاف عجلة التغيير ولا انتظار المتأخرين إلى ما لانهاية, وأملنا أن يلتئم كل أبناء اليمن ليجتمعوا على كلمة سواء تخرجهم إلى آفاق الاستقرار والبناء والازدهار, وسنظل نرفع أكف الضراعة :اللهم ألّف بين قلوبنا واجمع كلمتنا واصلح ذات بيننا واهدنا إلى أرشد أمرنا ...