كم هو جميل أن نشهد الفرحة الكبرى بقدوم الذكرى التاسعة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، هذه الفرحة التي تتعدد فيها أنماط الاحتفالات وتتنوع بتنوع ألوان الطيف، ولكن من المؤلم في الوقت ذاته أن نجد بعض المكونات والفصائل تغرد خارج أسراب مكتسبات هذه الثورة والتغني بها على وجه من التفاؤل بغد مشرق ومستقبل وضّاء جاعلة من احتفائها بهذا اليوم فرصة للتباكي على عهود سادت ثم بادت وليس لها من رجعة إلا في مخيلات أصحابها المريضة .
ما يشدّ الناظر في هذه المناسبة هو الفرحة البريئة والملتزمة وما يمكن أن نطلق عليه الروح الملتهبة لإحياء هذه الذكرى بروح وطنية جسورة تتحلى بها مكونات الثورة السلمية، والطابع المتسق المتخلق بآمال الربيع العربي كل ذلك نراه على وجوه شباب الثورة السلمية في ساحات الحرية والتغيير صبيحة احتفائهم بهذه الذكرى الغالية على قلب كل يمني يهوى الانعتاق من ربقة الظلم والتشرذم ويحلم بواقع أنقى وأبقى ينقله إلى دولة مدنية حديثة يسودها النظام والقانون والمواطنة المتساوية .
وبكل ما تحمله الكلمة من معاني التجدد والتغيير يحاول هؤلاء الشباب أن يجعلوا من ذكرى هذه الثورة سبيلاً للتجديد في مناحي حياتهم ويثبتوا للعالم أجمع أن الإصرار على هذه الروح ستظل ثابتة في خطواتهم وتحركاتهم حتى تتوج بإذن الله بتحقيق كافة أهداف الثورة الشبابية السلمية .
حشود كأمواج البحر الهادر لا يهمها بأي حال من الأحوال من يضع في سبيلها العراقيل لأنها ـ أي العراقيل ـ حتماً ستتفتت وتتكسر بقوة دفع تلكم الأمواج القوية، كما لا يعنيها إطلاقاً من يرمي في طريقها كل أصناف النجاسة والخبث لأن تلك البحار ستظل طاهرة نقية وتبقى النجاسة والوساخة في يد أصحابها.
حقاً لقد أوحى لنا شعار الجمعة المنصرمة ( 14 أكتوبر .. ثورة تجدد ) بتلك المعاني السامية التي أعطت زخماً ثورياً وجسدت مظاهر التصدي والصمود التي ستصنع من غير شك فجر ثورتنا المجيد كما صنعه آباؤنا وأجدادنا الأوائل في ربوع اليمن الكبير .