حضرموت اليوم / سيؤن / تحقيق وتصوير / جمعان دويل بن سعيد
الشاي او الشاهي هو عبارة عن أوراق تؤخذ من شجيرات لا يكاد ارتفاعها يزيد على متر ونصف تظل خضراء طوال العام وتزرع تلك الشجيرات ولا يقطف منها شيء في العام الأول فأذا دخلت في السنة الثانية تقطف أوراقها وتجفف ثم تبرم وتخمر بطرق خاصة وبذلك يكسب الشاي شكله الذي نراه اليوم ويزرع في شرق آسيا والهند وشرق أفريقيا وبعض الدول الأسيوية والأفريقية
لماذا
سمي بالشاي
اكتشف
في الصين كما تروي بعض الكتب وتقول الأساطير الصينية القديمة ان ناسكا
حضر من الهند الى الصين يدعوالناس الى المحبة والخير وما ان وطأت قدماه ارض
الصين حتى عزم على الصوم سبعة اعوام يعبد فيها ربه ويسبح بحمده ، وظل على هذا
الحال مستيقظا ثلاثة اعوام ثم غلبه النوم فلما استيقظ غضب على نفسه غضبا شديدا
وجدد العزم على تنفيذ رغبته مهما كلف ذلك ،فشرع مرة ثانية في العبادة والتسبيح ،
وبعد خمس سنوات بدأ رأسه يميل للنعاس حتى وقعت يده على شجرة قريبة ،فأخذ يشغل
نفسه بمضغ أوراقها فوجد أنها تكسبه القوة والنشاط على مغالبة النوم ، وأستطاع أن
يتم المدة التي فرضها على نفسه في يقظة وعبادة ، وكانت هذه الشجرة يطلق عليها
باللغة الصينية (شا ) فأطلق عليها اسم الشاي .
قد
يختلف البعض على صحة هذه الأسطورة ولكن المؤكد ان الشاي اول ما عرف
بالصين ثم انتقل الى اليابان والهند وأوربا ، وأخيرا انتشر في جميع أنحاء العالم
سيؤن
وشاهي البخاري
تميز
وادي حضرموت عن غيره من مناطق اليمن والجزيرة العربية بل وربما مناطق العالم .
تجهيز
وإعداد شاهي البخاري او السماور عرفها كل بيت في مدينة سيؤن ولايمكن الاستغناء عنه
غالبا ، ويجيد تجهيزه وإصلاحه الرجال والنساء على حد سوى وغالبا ما تكون من مهام
المرأة في منزلها وتعد من ألوان الفن والتميز .
وقد
وجد الشاهي في حضرموت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري عندما قام بجلبه من بلاد
الحجاز السيد حامد بن عبد الله الجنيد.،
وبداية
لم يلقى الشاهي قبولا عند اهل حضرموت لانه مشروب جديد لم يكن له وجود بينهم اذ كان
مشروب القهوة هو السائد والحاضر في المجالس كلها .
إلا
أن الشاهي فرض نفسه واصبح منافسا حقيقيا وقويا لمشروب القهوة الذي مالبث ان تخلى
عن مكانته ليحل محلها الشاهي هذا المشروب الجديد الذي استطاع أن يلف الناس حوله
خصوصا من ذوي الثراء والطبقات الراقية وظل الشاهي هو المتصدر في جلسات الأنس
والطرب والأفراح وجلسات ألدان الحضرمي .
وأول
من استعمل الشاهي بمدينة سيؤن السيد العلامة الأمام علي بن محمد الحبشي رحمه الله
عام1326 هـ
ثم
تبعة عامة الناس بعد ان عرفوا ان العلامة الحبشي قد شربه وانه ليس من المحرمات او
المسكرات لانه شيء جديد بالنسبة لهم وحينها اصبح شرابهم المفضل وعقدوا له
المجالس الخاصة وجعلوه جزءا من غذائهم اليومي فوجبة الفطور تكون بالشاهي ووجبة
الغداء فلابد ان يعقبها الشاهي ووجبة العشاء ايضا .
وجلسة
البسط أي عند الضحى تكون بالشاهي واذا جاء الضيوف او الاصدقاء فلابد من شاهي
البخاري .
مما
جعلهم يتفننون اكثر من غيرهم في طبخه وإعداده ويستهلكون منه كميات كبيرة فأقل
بيت يستهلك من كيلو ونصف الى اثنين كيلو من ألشاهي شهريا وا نواع ألشاهي
كانت كثيرة وغالبا ما تنسب الى التاجر الذي يستورده فمنه الباسلامه
والعطاس وبن طالب ومشعبي والحبشي وهناك ايضا انواع اخرى مثل الشاهي العطري
والشاكر بينما وقتنا الحاضر تعددت الاسماء ولكن ضمن هدف اسم التاجر المورد باوزير
و الكبوس وغير ذلك
أهم
أدوات عدة ألشاهي حسب الأولوية
المشمع :- وهو طربال
صغير يتسع لأدوات العدة التي توضع عليه بترتيب خاص.
التبسي :- وهو وعاء حديدي دائري يوضع فيه البخاري او السماور وصحن آخر لغسل
الفناجين يوضع امام البخاري او السماور.
البخاري أو السماور :- وهو الأساسي ويصنع من النيكل الغير قابل
للصدى او الحديد الاستل وبهما فتحتان واحدة من النحاس توضع فيها الجمار
الملتهبة والأخرى يسكب بها ماء .
البراد :- وفيه توضع اوراق ألشاهي ومكانه فوق فوهة البخاري اوالسماور التي يها
الجمار .
الملتقي و القعاده :- وهو مصنوع من الحديد ويوضع
أسفل البخاري ليقف عليه وتحته صحن صغير يتلقى ماينفذ من شبكة البخاري من رماد او
جمار صغيرة حتى لاتحرق الطربال .
الفناجين :- وهي من الزجاج الصافي ولها أشكال وأحجام متعددة
متناسقة الجمال .
علب السكر والشاهي : - وهي أواني تصنع من الزجاج او النيكل
متعددة الأشكال والأحجام تستخدم في حفظ السكر والشاهي قرب العدة .
الملاعق : - وهي مصنوعة من الحديد الغير قابل للصداء
وتستخدم في تحريك ألشاهي في الفنجان حتى يذوب السكر.
علب التعبور : - وهي مصنوعة من الزجاج وبها غطاء حديدي وهي توضع بها السكر
الإضافي المصاحب لفناجين ألشاهي.
معاشر ألشاهي :- تصنع من الزجاج او الحديد ويوضع فيها فنجان
الشاهي وعلبة التعبور.
قصعة الصخر :- وفيها يحفظ الصخر ( الفحم ) والذي يتم تزويد البخاري بالصخر
حتى تبقى النار مشتعلة طيلة جلسة الشاهي .
البابور او( الكانون ) :- مصنوع من الحديد
الخالص ويستخدم في اشعال النار بعد وضع الصخر فية ثم ياخذ ويوضع الصخر في البخاري
او السماور.
المروحة :- وهي مصنوعة من سعف النخيل تستخدم لاشتعال النار بواسطة تحريكها باليد بطريقة افقية سريعة امام فوهة البابور ( الكانون )
ليصدر منها هواء يساعد على توهج النار.
القانصة ( الكلبة ) :- مصنوعة من النحاس او الحديد وتستخدم في وضع
الصخر الملتهب من البابور الى البخاري او السماور .
المنخاش :- وهو مصنوع من الحديد الصلب دائري رقيق وفي طرفه
ممسك من الخشب ويستخدم في تحريك الجمر وسط البخاري او السماور لتوزيع الجمر بشكل
جيد .
دلة الماء :- لتزويد البخاري او السماور بالماء.
البالدي :- وبه الماء الكثير ويوضع دائما يمين العدة
ليستخدم الماء في غسل الفناجين وتزويد دلة الماء وكذا السماور بالماء في حالة
النقصان او بعد كل صبة لشاهي .
القلاس او ( الدن ) :- ويوضع فوق البالدي لغرف الماء منه في وقت
الحاجة .
منشفة الفناجين :- وهي قطعة من القماش مستطيلة الشكل اومربعة
أحيانا تستخدم لمسح الفناجين وتنشيفها بعد غسلها حتى تحتفظ بلمعانها وكذالك العدة
باكملها بعد الانتهاء من تعاطي الشاهي وانتهى فترة السمر .
النشافة :- وهي مصنوعة من الإسفنج وتستخدم في رفع
الماء الذي يخرج من فوهة البخاري او حنفية السماور الى معشرة العدة اوالى أي مكان
اخر .
المتفلة :- وهو عبارة عن وعاء مصنوع من الحديد النيكل او الزجاج يتم فيه وضع
المياه الوسخة من باقي غسيل الفناجين وكذالك الشاهي في حالة تعميره أخرى ووضع شاهي
اخر حتى تمتلي ثم يسكب منها وتعود مرة اخري لنفس الغرض.
هذه
ابرز أدوات عدة الشاهي
وإذا
دخلت بيتا حضرميا في مدينة سيؤن ستجدها في المقدمة اما مصفوفة على الارض او مرصوصة
بالدولاب الذي يطلق عليه ( العماري ) الخاص بها.
وتحرص الام عند تزويج ابنتها على ان تكون في اول القائمة فهي وسيلة من وسائل دوام الالفة والمحبة بين الزوجين حينما تجلس العروسة بين يدي زوجها في غرفتهم الخاصة وقد تزينت باحلى ما لديها من ثياب وحلى وتطيبت باروع الطيب وهي جالسة خلف عدة الشاهي وهي متناسقة معها تاخذ هذا وتمسح هذا وتنفخ النار حتى لاتنطفي وينتهي السمر وربما احضرت شيئا من الحنظل واللوز وغيرها من المكسرات وهذه عادة لازالت في بعض البيوت حتى يومنا هذا
خطوات
تجهيز الشاهي بالطريقة الحضرمية
فبعد
ان يملا البخاري او السماور بالماء النظيف توضع النار او الجمرة في الفوهة
النحاسية المخصصة لها في البخاري او السماور ويترك البخاري شامخا على الملتقي
(القعادة ) حتى يبدأ الماء بالغليان في هذه الفترة يتم غسل شعيرات الشاهي في
البراد وتصفيتها ويتم تحديد الكمية بحسب عدد الحاضرين ثم يوضع له ماء آخر بعد
الغليان ليغطي شعيرات الشاهي بالبراد ويوضع البراد فوق فوهة البخاري او السماور بعد
اعادة سكب كمية من الماء التي سحبت الى البخاري او السماور اثناء غسل الشاهي اوضع
الماء الاخر بعد الغسيل وهنا يمكن للجالس امام عدة الشاهي يتفقد حالة النار هل
تحتاج اضافة بعض الفحم اوالصخر لكي يستعيد البخاري او السماور غليانة للمرة
الثانية .
ياخذ
البراد قسطا من الوقت على النار وبخار الماء وكلما زادت الفترة كانت افضل وهذه
الفترة تسمى فترة رسوخ الشاهي أي تفاعله ونضجه في هذه الحالة يمكن ان تاخذ فنجانا
من الشاهي
كيف
تتم عملية تحضير فنجان ألشاهي
خذ
فنجانا من معشرة الفناجين وخذ معه معلقة ومن علبة السكر ضع الكمية التي ترغب ولا
تكثربهدوء خذ البراد من مكانه من فوق البخاري او السماور وقبل ان تسكب الشاهي
تاكد انك قمت بتكريس الشاهي أي انك سكبت الشاهي في فنجان وعدته مرة اخرى الى
البراد مرة او مرتان ،
وبعد
ان قمت بعملية تكريس الشاهي اسكب كمية قليلة من الشاهي في الفنجان يواري السكر
الذي وضعته فيه ثم اكمل ماتبقى من الفنجان من ماء البخاري او السماور الحار واذا
كان كمية الشاهي الذي وضعته في الفنجان كثيره يقال هذا فنجان قاطع او حاد قم
بتخفيفه من خلال تقليل كمية الشاهي وكثر في الماء .
قدم
الشاهي لاهل بيتك اوضيوفك في معشرة حسب عدد الموجودين تكون صغيره او كبيره ولاتنسى
ان تضع علب التعبور الصغيرة وقم بتوزيعها حسب العدد ودائما كل اثنين في علبة
لزيادة كمية السكر في الفنجان في حالة نقصانه .
وتجلس
الاسرة الحضرمية عند الظهيرة يتبادلون فيها اطراف الحديث وتعد من احلى ساعات
الصفاء .
ويتم
شرب الشاهي وارتشافه على دفعات وبين الفنجان الاول والثاني تسمى الصبة ومن الناس
من يرغب تناول الشاهي قبل الاكل ومنهم بعده ونحن عندما نطلق كلمة الشاهي فنعني
الشاهي ( الاحمر ) لان هناك انواعا اخرى من الشاهي والتي اصبحت في وقتنا الحاضر
ملازمة للشاهي الاحمر في وقت المناسبات مثل الشاهي الحومري ( الكركديه ) والشاهي
الاخضر والزنجبيل وهناك منعشات اخرى مثل الاوفلتين والكاكاو والنسكافة وقهوة
فرنسية ، كل ذلك تكون حاضرة في عدة الشاهي كالحاشية بجانب الملك ورغم
صغر فنجان الشاهي الحضرمي الا انه يفعل فعلته ويؤثر عليك تاثيرا واضحا ويحكي البعض
بانه يشعر بشيء من الصداع اذا امتنع عن شرب الشاهي لفترة يوم او يومين .
والشاهي
يعطيك حيوية ونشاط وربما اصابك بالأرق وافسد عليك النوم ولكن برغم هذا تبحث عنه
وتسمى عند الحضارم ( بالخرمة )
بعض
الاشعار التي قيلت في جلسة الشاهي
قيلت
في شراب جلسة الشاهي اشعار كثيرة لكبار شعراء حضرموت مثل الحبيب علي بن محمد
الحبشي وصالح بن علي الحامد وعلي احمد باكثير .
اما
حداد بن حسن الكاف فله اشعار كثيرة تترك الاثر واضحا في صاحبه لاسيما اذا كان
المجلس عامرا بالاخلة والحبان والغيد الحسان.
وهو
يقول:
قال
المعنى بن حسن نسنس بصوت الدان
ياذا الرضي
وخلنا
بانبسط على
خزاهم لي يحسدون
××××××××××××
يادائر
ألشاهي تفضل اسقنا من
كاس شاهي هني
فنجان
من شاهيك ينسيني لوعتي يازين لفنون
وفي
اغنية الفنان المرحوم حسين بن سعيد الكاف
جبر
القلوب واجب
ياحبايب ساعة كل من
حضر
بيننا
الكاس
دائر شاهي
عطري وشاكر
في
وسط الفناجنين
وفي
اغنية قال الفتى ليت لي تمناه تقول احدى ابياتها
ودي
بسمره انا وياه في
وسط بستان ولا بانضلي
واشوف
البخاري على يمناه من كاس شاهي يسقينا واسقيه
وفي
الاغنية الحضرمية المشهورة ما باش يا القهوة السوداء وهي من التراث
تقول بعض ابياتها
انا
الشاهي
الغالي ادخل
في المجلس العالي
الطعم
والذوق
الحالي يابخت
من صب له فنجان
××××××××××
لا
تشربوا قهوة
الدلة تلقي في
الحلق لك كله
تركوا
ابوها لها
كله وصبروا
على شاهي الفنجان
وفي
إحدى المنلوجات التي تحكي عن الشاهي تقول بعض كلماته
خرمان
خرمان للشاهي والعدة
فقدان
فقدان للشاهي من مدة
لحقونا
انا تعبان للشاهي انا خرمان
××××××××××
شوقي
له وانا عطشان
حرمونا
وانا خرمان
اسمع
حنة الفنجان للشاهي انا خرمان
نكتفي
بهذه النماذج الشعرية وبرغم أن في جعبتنا الكثير منها .
تعريف
البخاري والسماور
البخاري
والسماور هما أساس عدة ألشاهي ويختلفان في الشكل والحجم ولكن عملهما
واحد فالبخاري يأخذ كمية من الماء اقل مما يأخذه السماور لذا يستخدم السماور في
حالة العدد الكثير من الحضور أي في حالة تواجد أكثر من أفراد الأسرة اي من خمسة
عشر وما فوق او المناسبات الأسرية الكبيرة كزواج وغيره بينما في وقتنا
الحاضر استخدمت الكهرباء بدلا عن الفحم لسرعة غليان الماء ولكن شاهي الفحم أفضل من
الشاهي الذي يغلي بواسطة الكهرباء من حيث رسوخ ألشاهي كما شرحناه سابقا.
ولعل اسم البخاري والسماور مشتقة من اسم مدينة بخارى وسمرقند وتسمى في سيؤن بعدة الشاهي
المراجع
لهذا ا لتحقيق :
×
عدد من كبار السن من مدينة سيؤن
×
كتاب ( أكواب الشاي ) صورة من الأدب الحضرمي مؤلفه الشيخ عمر بن محمد باكثير
×
إذاعة سيؤن برنامج ( حرف و صناعات شعبية ) إعداد وتقديم الإعلامي نزار سالم
باحميد