حضرموت اليوم / سيئون / بقلم :الأستاذ/ محمد علي باحميد
حسنا فعلت جامعة عدن عندما أحيت الذكرى المئوية لميلاد الشاعر والكاتب المسرحي علي أحمد باكثير في ديسمبر الفارط 2010م بمدينة سيئون، حيث أعدت برنامجا ثقافيا حافلا بالبحوث والدارسات التي تناولت بعمق كل عطاءاته الإبداعية في الشعر والرواية والمسرح، ولقد أوفى المشاركون بتلك الأوراق المقدمة من قبلهم الكيل والميزان في سرد تلك المآثر وثمنوا كل نتاجاته المتنوعة. فلكل من رئيس جامعة عدن الدكتور عبدالعزيز بن حبتور وكادرها التعليمي كل التحية والتقدير والثناء العاطر .
وإذا كان لنا من ملاحظة على تلك البادرة الرائدة فهي أن جامعة عدن عند تكريمها لبعض الشخصيات التي أسهمت في الحفاظ على اسم باكثير عاليا في بلاده وعلى تراثه وداره دار السلام قد أغفلت، بل وبتعبير أدق لم تنتبه إلى قيمة دور رجلين تاريخيين كان فرضاً عليها تطويق جهودهما بأكاليل التكريم والعرفان والثناء، وهما الأستاذ عمر الجاوي أمين عام اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين السابق، والأستاذ الباحث عبد القادر محمد الصبان رئيس شعبة سيئون لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين السابق أيضا اللذان أسهما بل ويعود الفضل كل الفضل لهما في تأسيس دار باكثير بسيئون وجعله منذ عام 1985م متحفا لتراثه ومقرا لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين - شعبة سيئون - حيث استماتا في انتزاعه من براثن إدارة الإسكان بمديرية سيئون يوم كان مؤجرا من قبلها لإحدى الأسر في تلك الفترة .
إن الرجلين بوأتهما وطنيتهما ونزاهتهما أن يقرعا ناقوسا لم يجرؤ أحد في ذلك الوقت على قرعه عندما طلبا وبصوت عال من السلطة الماركسية في البلاد آنذاك إقامة مهرجان للأديب باكثير المفكر والكاتب الإسلامي في ديسمبر من عام 1985م إذ كانا يتمتعان بشخصية أدبية قوية جعلت الجهات الرسمية تستجيب لندائهما وتتجاوب على الفور معهما وتشاركهما تنفيذ ذلك المشروع.
فأين كانت جامعة عدن من هذه الحقيقة التاريخية عندما أعدت كشف التكريم للشخصيات التي أسهمت في إحياء تراث باكثير وتخليده في وطنه ؟ وأين كان أولئك الذين يعرفون هذه الحقيقة ولم ينطقوا ببنة شفة إحقاقا للحق ووضع الأمور في موقعها الصحيح ؟
إن من واجبنا ونحن نحتفل بمئوية الأديب باكثير أن نذكر الرجلين ونكرمهما أكبر تكريم وأن نضع صورتيهما في مكان بارز بإحدى غرف الدار .. اعترافا وتقديرا لجهودهما، فهما اكبر كثيرا من أن نتحدث عنهما في هذه السطور المحدودة والعابرة فهما يستحقان أكثر من هذا بكثير وكثير جدا.
وبمناسبة هذا الحديث أريد أن أوجه أيضا إلى الجهة القائمة والمسئولة اليوم عن دار باكثير نداء يلفت نظرها إلى أن هناك أجزاء في الدار بحاجة إلى إعادة النظر في ترميمها إذ أن الترميم الذي جرى لم يكن صحيحا وشاملا تمكن الدار من مواجهة عاديات الأيام وتبعات الأمطار والسيول وخاصة أنه يقف على مجرى تمر فيه مياه الأمطار المتدفقة من شارع الجزائر، فعلى سبيل المثال لا الحصر ساحة المنزل الداخلية التي لم تمسها يد (التبليط) والصيانة المتينة بل تركت على حالها السابقة مطلية بالطين - للأسف الشديد - وكأن الدار لم تمسها يد الصيانة والترميم .
إن تلك الساحة هي المتنفس الوحيد لإقامة مجمل النشاط الثقافي العام عليها كالمحاضرات والندوات واللقاءات والاجتماعات العامة .
إن عملية الترميم للأسف الشديد بدت لكل من وقف عليها وكأنها ذريعة للإثراء غير المشروع وهذه مصيبتنا التي تلاحقنا في كل جوانب التنمية والعمران .
إنه لزاما علينا أمام هذا التقصير الملحوظ في عملية الصيانة والترميم أن نرسل صيحة تحذير للجهات المسئولة بالوادي لما سيؤول إليه دار باكثير في المستقبل القريب إذا ما بقي وضع الصيانة على ما هو عليه اليوم بل يجب علينا وعلى وجه السرعة أن نتدارك الأمر وأن نلزم من قام بذلك الترميم أن يراجع نفسه في ما قام به وأن يعيد النظر فيه ويتق الله في ذلك .
في الأخير أحب أن أؤكد للجميع من أن ما ورد في هذا المقال لم أبغ منه إلا وجه الحق ووضع الأمور في موقعها اللائق بها .. والله على ما أقول شهيد .