الثورة في ميزان المصلحة

الناظر لثورات الربيع العربي ومواقف المجتمع الدولي والإقليمي منها  يرى جملة من التناقضات الغريبة التي تبين حجم الصراع العالمي في الشرق الأوسط ، فدولة تؤيد ثورة ما في بلاد  أخرى ليس لسواد عيون شعبها إنما لأحقاد سياسية دفينة بين نظامين ، ونظام يعارض ثورة دولة أخرى رغبة في استمرار تحالف ما بغض النظر عن قتل الآلاف من الشعب ، نتناول في السطور التالية كيف تعاملت القوى المتصارعة بالربيع العربي.

أمريكا : تخلت عن حسني مبارك لما رأت السيل الجارف في ميدان التحرير يقتلع كل شي أمامه ليس حبا في المصريين وإنما لتغيير قواعد لعبتها السياسية بحسب المعطيات الواقعة على الأرض  ، وصوتت على تدخل النيتو في ليبيا للتخلص من القذافي الذي له قصة عداوة طويلة مع الأمريكان لا من أجل عيون الليبيين ، وتريثت كثيرا في موقفها من الثورة اليمنية عندما رأت عملاءها يتساقطون واحدا تلوا الآخر لتظفر في اليمن بما لم تظفر به في مصر وتونس.

السعودية تقول أن الثورة اليمنية مجرد أزمة بين نظام ومعارضة ، بينما تنظر للثورة السورية بأنها ضرورية لإنقاذ الشعب السوري ليس  حرصا عليه بقدر ما هو نكاية ببشار الذي له مواقف معادية مع الأسرة الحاكمة في المملكة  ، هي نفسها تنظر إلى  الاحتجاجات داخل أراضيها بأنها خروج على الحاكم ، في نفس الوقت تعتقد أن مظاهرات البحرين مجرد مؤامرة إيرانية لزعزعة أمن الخليج ، فياسلام على الحنكة السعودية .

إيران  تجزم بأن الثورة السورية مجرد مؤامرة أمريكية أخرجها الكونجرس وتنفذها جماعات إرهابية داخل سوريا  ( يعني الشعب السوري كله إرهابي  ) ، في الوقت ذاته تجعل من  بعض الاحتجاجات في البحرين أعظم ثورة .

الإمارات ساندت الثورة السورية في بدايتها فلما بدأت تحس بتحركات داخلها قلبت الطاولة وطلع خلفان يشتم الإخوان المسلمين ويختصر الدماء السورية التي تسيل كل يوم بأنها مجرد طمع إخواني في السلطة ( يعني السلطة حلال للكل محرمة على الإخوان ) .

وفي الحالة اليمنية يمكن القول بأن الدول الراعية ( للمبادرة التخلفية ) لا تأبه بلقمة عيش المواطن اليمني بقدر ما ذهبت تكافح لمنح الحصانة لرأس النظام السابق الذي سمح لها بالعبث في بلادنا دون أن تنظر هذه القوى ما ستشكله هذه المبادرة من مشاكل على مستقبل اليمن المجهول والملغم بالكثير من الأزمات المتراكمة وإن رأينا تزايد التأييد الدولي مؤخرا لهادي

خلاصة القول يجب على المواطن العربي واليمني خصوصا  أن لا يفرط في ثقة وقوف دولة خارجية بجانبه ، بل لا بد عليه أن يفقه صراع المصالح ، وموازين القوى ، وأن ينظر بعين ثاقبة إلى هذه الدول على أنها تكافح لبقى مصالحها لأطول فترة ممكن في مكان ما لا غير .

فاللهم أجرنا من وقوف الدول الخارجية المزيف، وقنا مغازلات أمريكا السياسة، وحرص السعودية المغشوش .

بقلم : عارف عاشور بامؤمن

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص