حضرموت اليوم / سيئون /
خاص
ضمن أنشطته الأسبوعية أقام مركز ابن
عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع أمسية شعرية بعنوان ( منمنمات حضرموت ... ؟
) ألقاها عبر الهاتف من عدن الشاعر
الدكتور / جنيد بن محمد الجنيد أستاذ
الرياضيات بجامعة عدن دكتوراه في التربية و عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء
والكتاب اليمنيين و عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب , الأمسية كانت رائعة وممتعة
تألق فيها الشاعر في أفاق بعيدة استحضر فيها الحضور عصور خلت من الليالي الجميلة
لشعراء حضرموت , و على الرغم من غزارة وقزحية ألوان قصائد الشاعر إلا أنه في هذه
الأمسية غلب على قصائده الشأن الحضرمي التي تضمنها ديوانه ( منمنمات حضرموت ...؟ ) فحضرموت مسقط رأسه ومثوى أجداده وفيها تفتح
بصره وبصيرته وعلى ثرائها الملهم تشكلت ملكاته الشعرية و من أجوائها الروحانية
تهذبت عواطفه الحسية و من ضرع أسرته السليلة
نهل من نبع العلوم المتواترة والحس الذوقي الرفيع , كما أن الشاعر في مقتبل العمر في حضرموت لازم
العديد من شعرائها وعلى وجه الخصوص العلامة الشاعر حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله
السقاف الذي أخذ بيده مبكراً إلى حياض الشعر والأدب و سقاه سلسبيل صافي , أثمر ذلك
و ظهر جليا في شخصية وقصائد الشاعر .
و من منمنمات حضرموت وهو أحد دواوين الشاعر ,
ألقى الشاعر العديد من قصائده منها قصيدة ( ابتهالات المنازل الأولى التي أنظمها
الشاعر بمناسبة تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010 نأخذ منها بعض الأبيات :
نايٌ على السـفحِ من شــوق يُـناجـيــنـا لـيـُشْـعِلَ القلبَ.. أفـدي الشـوقَ
ضُـم
ظمئتُ.. أسـتقطرُالذكـرى بصـورِتـهـا وأرتوٍي من صدىً في البعدِ
يُـشــجـينـا
تســـلَّلتْ مـن نـســـيـم الحَّي أغـنـيــةٌ وأنعـشـــتْ رقـصـةٌ فـيـنـا التـلاحـيـنـا
غـرســتُ بين جـذوعِ
النـخـل ذاكـرةً فأورقــتْ داخـلـي أحـلى
بـســــاتـيـنـا
غـصـنُ الطـفـولةِ ملتـفٌ على
هُـدُبي رَسَــمْـتُ عيني بـه
كـحـلا و تزيـيـنـا
رقُّ الصـبـابـة
بـســـتـانٌ يســـوّرنــا وتـرســـمُ العـمرَ أزهارُ
الصِّــبـا فــينـا
أطِلُّ مـن شــرفـةِ الأحـلاِم
مـنـتـشــياً و أقـرأ
الـوردَ في دربي
عـنــاويـنــا
طـيـفُ الأحـبــةِ في
الآفـاقِ مـؤتـلـقا قـوســًا على مطِرالأشـواقِ
يـرميـنــا
نمشي على طربٍ والأرضُ
راقصةُ و في خـلاخـيـلـها إيــقاعُ
شـــــاديـنـا
يـضـيـئـنـا ســمرٌ في النـجمِ صـورتُنا و الـدانُ آيـتـُنـا
باللـحـن يـُحـيـيـنــا
* * *
غنّــاءُ جـئـتُـك محمولا
على زمنِ ولوعـةُ الـوجـدِ والأشـــواق تُـضـنينـا
يشـدُّني العمرُ..هذا العـشـقُ خارطتي حـملـتُـه حُـلُماً
يـشــــــدو أغانـيـنــا
ألـقـيـتُ نفســي حـنيناً في
عـواطفها مـن أيـن أعـبرُ كي أُلـقي
مراســـيـنـا
في البـالِ أشـــرعـةٌ مَـدَّتْ تذكرَها وأبـحـرتْ في اتـجـاهٍ
ظلَّ يغـريـنــا
وجّهْتُ وجهي سلاما نحو(حُوطَتِنا) هـنا الخـشـــوعُ تـحـيـات
الـمحـبـيـنـا
هـنا مـنـازلُ أجدادي الأُلى
ســكـنوا بـهـم تـبـاهـتْ على الـدنـيــا مغانــينـا
أطـوفُ في الحيِّ تـرعاني
أزِقَّــتُه وكلُّ مـنـعـطـفٍ
عن أمس يـحـكـيـنـا
أُصغي إلى الصوتِ خلفَ الباب أزمنةً صــبـاي نـبـرتـُهُ الأولى تُـحاكـيـنـا
هيا افتحي البابَ فالـدارُ
القديمةُ لي حَـفـَرْتُ في
بابِها بالشــعرِ تـدويـنــا
عـلى شــبابـيـكها طيرٌ
و زقـزقةُ و مّدَّها الســـقـفُ تـشـــكـيلا
وتلوينـا
و بـيـن حـجـراتـها أمي
تُهدهدني ألا ســـقى اللهُ
أمي مـورداً لــيــنــا
وكم ركضـنـا على ســاحاتِها
لـعـباً وكم شـــبـكـنـا على بعـض
أيـاديـنـا
هذا المـكانُ بـه جَـدَّي الفـقيـهُ غـفا آثـارُ ســجـدتِـهِ .. أنــفـاسُ أهـلـيـنــا
هذا المـكانُ بـه الغـنّــاءُ
نابـضــةٌ و كان قـلـب
تـريـم الـخـيـرِ تـأمـيـنـا
هذي الديـار بهاالعـشاقُ كم
زرعُوا من
ذكـريـاتٍ وكم تـصـفـو أماســيـنا
في كلِّ ركنٍ بها تـصـحو لـنـا قـبـلٌ وفــوق جـدرانـها
نـقـشٌ لـماضــيـنـا
هذي المآذنُ بالتـرجـيـع تـســكـرُنـا وتـشــعـلُ
الأفـقَ أصـواتُ الملـبـيـنـا
فـيـنـا ابـتـهالُ القـبابِ البـيـضِ داعيةٌ بـها نـلـوذُ .. شـهـيقُ الوجدِ يـشـفـيـنـا
وحـيث كـنَّا فـولِّ الـوجه ..تـلـقَ
بها مـآذنـاً و
ِقـبــابـاً و الـمصـــــلـيـنـا
* * *
حولي الجميـلاتُ يغـزلْنَ الربى دعةً ســكـبـنَ زغردةً
شــدَّتْ شــرايـيـنـا
نَـصَــبْنَ خـيـمةَ عشـــقٍ في
توقُّدِها و بين أعـطافِــها
دارتْ لــيـالــيـنــا
عَـلََّـقـْنَ قرْبَ جدارِ القلبِ لي قمرًا إن مَسَّـهُ الشـعرُ فاضَ القلبُ تـلحـيـنـا
يا من حَمَلْنَ جـرارَ الحـبِّ
عاطفـةً هـذي دناني
فمن منـكـنَّ ســــاقـيـنا
هـذي دناني فـلي وعـدُ
يـغـازلُـنا يـالـذةَ
الـوعــدِ يا أحــلى أمـانــيــنــا
وتنتشي الروحُ من كأسٍ
تدورُ بنا من خـمـرِغنّــاءَ..لا من خمرِ داريـنـا
وأُبـصـرُ الحـسـنَ في الغـنّــاء فاتنةً من حـولِـنا تـسـحـرُ العـشاقَ..تُغـوينا
لاحتْ كوردِالضحى وجهاً يفوحُ هوىً تـقـطَّرتْ من ندى الإغراءِ تـكـويـنـا
وهـالـةُ السـحرِ في العينين تـسـلبُنا لـها حـديـثُ الهـوى رمزًا
يُـوافـيـنـا
كـأنـهـا من جـنـانِ
الخـلـدِ مُنزَلـةٌ أهـدى لـنـا اللهُ
منها حـورَها العـيـنـا
أقـول: ياحـبُّ هـذا
الوجـهُ أعرفهُ يـا لـلـتـريـمـيـةِ
الحـســناء تـســـبـيـنـا
بي رعشةُ القلبِ قيدي سرُّ فتنتِها يـا قـلـبُ بـعـد سـنينِ العمر تصـبـيـنـا
هذي الجميلةُ نبضُ العمرِ..خضرتُهُُ قـد تيمَّتْني هـوىً صـرفـاً
وتـبـيـيـنــا
ومن قصيدة عن سيؤن :
على رجع طيـفٍ
وقـفـتُ
وصاح بي القلبُ :
ســيئون..ســيئون..
هذي منازل أهل الهوى
ومقام الصـبابة والوجد..
هذي سـفوح التي في مدارجها
تنبت الأغنيات بما يملأ الوتر
المرهف النغمات بفاتنة الروح..
ســيئون..ســيئون..
هل أحدٌ قبلُ ســمَّى النســاء بســيئون..
هل أحدٌ قبلُ أعطى لها لقبـًا عاليـًا
ترتديه، يليق بها
ونقول لها:
أنت ســلطانة لجميع النســاء
وهل أحدٌ قبلُ شـيَّد قصرًا لها
فوق تل القلوب التي تتدفق رقتها
في غنـاء الســواقي
وهل أحدٌ قبلُ عبَّـأ وجه المرايـا
لتكتظ فينا أناقتها الباذخه
وكل جمالية المغريات:
يكحلها العشــق، مثل الفراشــات،
تغزل أحلامها بالتوهج داخل مشـكاتها،
يصـطفيها الهوى،تتفرد بالهالة العاطفية،
تشـغل بال الفتى بالذي كان راوده،
فأعد لها ما استطاع من النبضات السريعة،
والاشـتعال بجمر الكلام،
وشـيئا توشـحه برباط الجنون
وطاف ببســتانها
طاف سبع ليالٍ
لعل اللجوء إلى غزل الذكريات
دليل على ما يرى القلب
حين تثاقل بالمشي
وهو يمر حنينا إلى ركن بيت
يطل على الساقيه
ويثقب بالسـمع نافذةً ليدوِّن أغنيةً
أمس خصَّ بها الفاتنات،
يطالع أنفاسـه فوق تلويحة الشـرفات
ويسـكنه ليل ســيئون
والسـامرون على جلسـة الدان:
صوت المغني
(يادان
دانه لدانه)
يطوف بنا في (الطويلة) بين بسـاتينها
نهز على جذع نخل،
ونقطف ليمونة من هناك
ورمانة من هنا
ونطل على وجهها
لنرى قمرًا يتلألأ في نصف شـعبان
أشـعله الشـعر..
صوت المغني
يطوف بنا
وشـاي (السـماور)يعبق رائحةً،
ويعطر أروقة الذاكره
رنين الفناجين يسـكب فينا ثمالته
وهوى جهة (القرن)ينهال فينا
وســيئون فاتنة الشـعراء
يهيمون فيها على وقع دانٍ قديم
تصاعد حيا
على نغم العشـق في ليلها
والمغني يدندن:
(حيا ليالي جميله
مرت بسفح الجبل
مثناة بحر الطويله
ما بين أرباب الجميل
أهل الشـروع الطوي
واهل الوفا والجود من سابق دويل)
كما ألقى الشاعر قصائد عديدة في حضرموت الأم
و في شبام و الشحر و المكلا وعدن حلق بها الشاعر والحضور في أفاق بعيدة طال العهد
بها ولكنها جددت الذكريات وربطت الذاكرة التي بدأت تتأكل في جيل اليوم , لا شك أن
هذه الأمسية ستكون في يوم ما ذكرى يتلهف عليها و يتحلق حولها عشاق من نوع خاص , فمركز
ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع , حرص على توثيقها ليجعل ذلك ممكن ! .