صباح يوم أمس الثلاثاء كانت غربان الموت تحوم مرة أخرى في سماء حضرموت التي لم تغادرها اصلا … هذه المرة مثل كل المرات لم يكن أمامها من مهمة صعبة سوى تحديد الهدف والذي كان هذه المرة شخص العميد الركن / أحمد سعيد بارمادة ( رحمة الله عليه ) بينما يضل المكان والزمان والكيفية ليست بذات أهمية ولا تستحق كل ذاك الاهتمام .
أين تكون الشمس وقت التنفيذ أمر لايعني للقتلة شيئا ذا بال ، مكان التنفيذ وسط المدينة أو خارجها ، بجوار البيت أو بعيدا عنه قليلا ، بمشهد من الناس أم في وقت خلوة ، وأولاده ينظرون أليه او لاينظرون سيان . كل هذه التفاصيل بالنسبة ( لهم ) أعني المنفذين تعتبر من نافلة القول ومن الترف الذي لايستحق ان تشغل به بالك أو يمكن أن يكون عائقا في طريق تحقيق الهدف متى ما صدر القرار بالتنفيذ ..هكذا علمتهم التجارب السابقة واستنتجوا من مجمل مجريات الأحداث في حضرموت .
استيقظت المكلا على خبر الفاجعة واقشعر شعر جلدها قليلا وماجت في عيون بعض رجالها شئيا مما تبقى من دموع قد استنفد مخزونها أصلا في سوابق أخرى وفواجع يصعب حصرها. خرجت من الأفواه كلمات العزاء وتنهد الجميع قليلا . وانبرى من يقول انه من رجال السياسة يدينون ويشجبون ويستنكرون ويحملون ويحذرون ويناشدون ثم لاينسون أن يؤرخوا لكلماتهم تلك ويذيلوا بياناتهم بذكر اليوم والشهر والسنة كي يحتفظوا لأنفسهم بهذه الوثيقة التاريخية الهامة جدا ولكي يثبتوا ذات يوم أنهم قد فعلوا كل ما يجب عليهم فعله وريحوا ضمائرهم أو لنقل خدعوها قليلا .
المضحك المبكي أنه لم يفت هذه المرة على السلطة المحلية أن تشارك المواطن البسيط واجباته بل نافسته وشاركته أخص خصوصياته فلم تدعه يتميز عليها بشيئ فراحت تستنكر مثل من استنكر وتشجب وتحذر وتناشد وتندب حض حضرموت العاثر .
وحدهم الذي دفعوا الثمن كاملا هذه المرة هم أسرة وذوي المرحوم وفي انتظار الحلقة القادمة ( لاقدر الله تعالى ) من حلقات مسلسل التصفيات سيظل كل شيئ كما هو ذات الغربان تقوم بذات المهمة وذات الصمت سيستمر هو ذات الصمت فقط ماسيتغير هو تاريخ الحادثة وضحيتها ومكان حدوثها وستتناوب مقبرتي يعقوب وأمبيخة الاستقبال وبكل حفاوة من ثم تنهال بيانات الشجب والاستنكار .
وقبل أن اصمت وجب علي أن أعزي أسرة فقيدنا المرحوم العميد الركن / أحمد سعيد بارمادة سائلا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان فلقد عرفته متعهدا لصلاة الجماعة محافظا عليها في المسجد فرحمة الله عليه وإنا لله وإنا اليه راجعون . . وحفظ الله الجميع من كل مكروه .
بقلم / محمد أحمد بالطيف *
* الناطق الرسمي بأسم المجلس الثوري بحضرموت
صورة العميد الركن / أحمد سعيد بارمادة ( رحمة الله عليه ) في لقاء مع اللجنة العسكرية بالمحافظة