حضرموت اليوم / صنعاء / خاص
استضاف منتدى الدكتور غالب القرشي في فعالية اليوم الأربعاء 12/12/2012م الأستاذ/محمد الحميري – عضو مجلس النواب للحديث عن (حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق) وقد بدأ الحميري حديثه قائلاً: بأننا نعايش هذه الأيام احتفاءات عالمية بذكرى إعلان حقوق الإنسان الذي تم الإعلان عنه في 10/12/1948م ، هذا الإعلان الذي يحمل الكثير من المفارقات بين بنوده من الناحية النظرية والتطبيق على الواقع، فضلاً على أنه لا يرقى إلى مافي الدين الإسلامي من تشريعات شاملة لحقوق الإنسان، إن لم يكن من ذلك إلا التذكير المستمر في خطبة الجمعة لقوله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظم لعلكم تذكرون) هذا تذكير أسبوعي بأهم الحقوق، والشواهد لا تحصى من السيرة النبوية وسيرة الخلفاء وخاصة عمر بن الخطاب ومواقفه الرائعة تجاه حماية حقوق الإنسان، وللعلم أن الحقوق في الإسلام متلازمة مع الإنسان كونه إنسان بداية، ولذلك جاءت آيات كثيرة موجهة للناس عامة (يا أيها الناس..) .
وواصل الأستاذ/ محمد الحميري حديثه عن التعريفات التي استند إليها نص إعلان حقوق الإنسان والمرجعيات من حيث النشأة بداية من إعلان ولاية فرجينيا عام 1776م ، وإعلان الثورة الفرنسية لحقوق الإنسان عام 1790م، إلى أن ظهر إعلان حقوق الإنسان عام 1948م، ثم وضح من خلال المقارنة بين التشريع الإسلامي ونصوص إعلان حقوق الإنسان، الفروق الجوهرية لممارسة حقوق الإنسان، ففي التشريع الإسلامي تعتبر الحقوق تديناً، وممارسة، ومستقاة من الوحي، لذلك فهي ثابتة لا تتأثر بعوامل المصالح والظروف الاستثنائية، وليست ناتجة عن صراع، بينما إعلان حقوق الإنسان من حيث النشأة فهو ناتج عن اجتهادات، متأثر بالمصالح، وناتج عن صراعات طويلة، إلى جانب رؤية التفوق للإنسان الغربي على غيره من الأجناس مما أثر في سير تطبيق هذا الإعلان والازدواجية في التعامل به، فتطبيق هذه الحقوق تجاه المجتمعات الغربية، يكون مختلفاً بالنسبة للمجتمعات الأخرى، مستدلاً بالوقائع التاريخية منها الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكيف انتهكتا حقوق الإنسان بشكل واسع، واغتصاب أرض فلسطين، وما حدث في العراق من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في سجن(أبو غريب) ناهيكم الاستخدام السافر للأسلحة المتطورة، حتى التجني على الأجنة في بطون أمهاتهم.
وقال الأستاذ/ محمد الحميري أن الدول الكبرى جعلت من هذا الإعلان أداة للضغط والسيطرة، وإن كان الغرب قد لجأ إلى مثل هذه المبادئ لما لقيته المجتمعات الغربية من تسلط الكنيسة وتحريف الدين، فلجأوا إلى الاجتهاد في مسائل حقوق الإنسان وفصل الدين عن الدولة، فهم قد استفادوا إلى حدٍ ما بذلك، لكنهم لم يصلوا إلى ما في التشريع الإسلامي من تفاصيل الحقوق، وعلى جميع المستويات، منها حقوق الزوج والزوجة وحقوق الجار لجاره، وحقوق الولد والوالد، إلى مستوى حقوق الراعي والرعية، وهي حقوق ثابتة، لأنها من رب الخلائق، فهي مطلقة ثابتة شاملة، بينما الحقوق الوضعية نسبية متأثرة بالمصالح والقوى والسيطرة.
وأشار الحميري إلى أن ما عانته المنطقة العربية من أنظمة الاستبداد جاء نتيجة للدور الاستعماري، وكذلك نتيجة لسلبية الشعوب، وخضوعها وجهلها بحقوقها، مما أغرى بها حكامها ، فانتهكوا كرامتها وضيعوا حقوقها، ونهبوا ثرواتها على مدى عقود من الزمن.
وفي معرض رده على بعض المداخلات أشار الأستاذ/ محمد الحميري إلى دور ثورات الربيع العربي سواءً في المنطقة العربية أو ثورة الشباب في اليمن، في السعي لاسترداد حقوق الإنسان وكرامته، ولا أدل على ذلك من تغير المشهد السياسي في العدوان على غزة، وإيجابية التعاطي معه من النظام المصري الجديد ، مختتماً حديثه بالدعوة للسعي في تطبيق حقوق الإنسان وتعويض الشعب اليمني ما فاته من حقوق، وذلك برد المظالم والتمسك بمنظومة التشريع الإسلامي المتكامل الذي سيحقق لنا العزة والكرامة وضمان الحقوق.
وفي مداخلة رئيسية للدكتور/غالب القرشي – رئيس المنتدى –بعنوانحقوق الإنسان من منظور إسلامي قال: إن هذا الإعلان الذي يعتبره البعض إنجيل هذا العصر في حقوق الإنسان قد تم صياغته بعد حربين عالميتين أحدثتا هلاكاً واسعاً للأرض والإنسان، وقد أعلنت عنه هيئة الأمم المتحدة عام 1948م وهو نفس العام الذي قام الكيان الصهيوني بتشريد شعب فلسطين واغتصاب أرضه على مرأى ومسمع من هذه الهيئة التي لم تستطع منع الكيان الصهيوني من الاستمرار في جريمته حتى اليوم. وفي إشارة إلى بعض مواد إعلان حقوق الإنسان قال الدكتور غالب القرشي أن كثيراً من المواد التي واجهت اعتراضاً من بعض الدول العربية وخاصة الممالك لم تبلغ ما بلغه الإسلام في الحفاظ على حقوق الإنسان مثل المادة الرابعة التي تناولت تحرير الإنسان من الرق والمادة السادسة عشرة التي تحدثت عن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق، لذلك فقد تم في بريطانيا إعلان البيان الإسلامي لحقوق الإنسان عام 1981م من قبل المجلس الإسلامي في بريطانيا.
الخبير الإعلامي الدكتور يحيى عبد الرقيب أشار في مداخلته إلى الازدواجية في التعامل مع حرية القول والتعبير، فبينما يسمح بالإساءة للأديان بهذه الحجة، نرى منعاً واستياءً ممن ينتقدون أو يشككون في المحرقة النازية لليهود.
العميد ركن صادق سرحان قال في مداخلته أن الغرب وصل إلى مستوى متقدم في ممارسة حقوق الإنسان وتأخره في الدول العربية نتيجة للاستبداد الذي مارسته الأنظمة على شعوبها، وما نراه في سوريا اليوم خير شاهد فأين دعاة حقوق الإنسان مما يجري من انتهاكات هناك ؟ وتدمير كامل لمقومات وإمكانات شعبٍ بكامله؟
العديد من المداخلات والتساؤلات تناولت تفاصيل مختلفة في هذا الموضوع، وأكدت على تعريف الناس بحقوقهم والتمسك بها، حضر الفعالية العديد من الباحثين والإعلاميين والمهتمين.
الجدير بالذكر أن إدارة المنتدى وزعت للحاضرين نسخاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبعض الأدبيات الصادرة عن مؤتمر حقوق الإنسان المقام في صنعاء خلال الفترة من 9-10/12/2012م.