زهراء في التسعين من عمرها جلست ذات يوم تحكي لجارتها فاطمة التي تصغرها بعشرين عاما قصة اعتداء أبو حامد عليها وهي في عمر الزهور ..
زهراء ولدت في أسرة فقيرة بل معدمه والدها يعمل في حراثة الأرض ويسكن في الاحياء الزراعية شرق مدينة سيئون في أوائل القرن التاسع عشر مع استياء الأوضاع المعيشية للمواطنين في الوادي بسبب الحرب العالمية الأولى اضطر والدها إلى إرسالها إلى بيت أبو حامد لتخدمهم مقابل تغذيتها بالقوت الأساسي وإلباسها ما يستر عورتها .. ومثلها كثير من البنات في البيوت الميسورة في المدينة .. كان عمرها بين العاشرة والثانية عشر ..
حاولت ذات مرة ان تنجز الاعمال المطلوبة منها في وقت مبكر لتذهب مع بنات أبو حامد إلى معلمتهن لتتعلم أمور الدين والقراءة والكتابة فخرجت معهن ولكنها بعد عودتها تلقت تهديد بالطرد إن كررت ذلك من زوجة أبو حامد ..
مرت السنيين وكبرت زهراء وظهرت معالم أنوثتها وحباها ربها بجمال طبيعي وفي غياب زوجته اعتدى أبو حامد على عذريتها وقررت العودة إلى بيت أبيها ولكنها تذكرت الجفاء الذي تلاقيه من أبيها كلما زارتهم في المزرعة وخصوصا إن أمها انتقلت إلى رحمة الله قبل أشهر وتزوج أبوها بأخرى , لكنها استطاعت ان تقنع زوجة أبيها بخطورة الأمر وبقيت في بيت أبيها في المزرعة منزوعة العذرية .. وقبل أبوها بقائها معه , وتخلصت من أبو حامد وظلمه .
وبعد سنه تقدم لها سالم للزواج منها وتزوجت وسترها الله وخلفت منه أولادا وبنات .
في النهاية سألت فاطمة العجوز زهراء لماذا تذكرت الآن هذا الموقف .. قالت لان بلادنا فيها مجموعة من العابثين فلو نجحوا في إدخال البلاد في التناحر الطائفي والمناطقي لعادت أوضاعنا لما يشبه العهود السابقة البائسة ، لان الحروب لاتجلب إلاّ الفقر والتخلف والدمار في أي بلاد .
ودعت العجوز دعاءا طويلا بان يحفظ الله بلادنا وأمنت عليه فاطمة .
بقلم المهندس : عبدالحافظ خباه