أيها الحراكيون : توحدوا

لفتت نظري تلك الدعوى التي وجهها الأستاذ المهندس/ محسن باصرة رئيس إصلاح حضرموت، والتي اطلعت عليها في صحيفة سيئون العدد (79) أكتوبر 2012م، يناشد فيها منظمة الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي في اليمن جمال بن عمر إلى عقد انتخابات بإشراف عربي ودولي لانتخاب من يمثل الجنوب في أي مفاوضات أو حوارات قادمة، وذلك لتعدد المكونات السياسية الجنوبية .

حقيقة إن المشهد الجنوبي في هذه الأيام يبعث على القلق والحيرة لظهور مكونات سياسية جنوبية متعددة لكل منها مشروعه الخاص ورؤيته لحل القضية الجنوبية.. إن تعدد هذه المكونات يجعل من الصعب جداً على الجنوبيين التخاطب مع الخارج الإقليمي والدولي ولاسيما وأن المجتمع الدولي والإقليمي مشغول بما يجري في سوريا لكونها دولة مواجهة مع الكيان الصهيوني وأمريكا زعيمة العالم هي الأخرى كانت في الفترة الماضية مشغولة بحمى التنافس على الانتخابات الرئاسية، حيث يهتم المتنافسون في كسب الصوت اليهودي على حساب الدم والحق العربي، وما يجري في اليمن وفي الجنوب بشكل عام ليس من أولويات الأجندة الأمريكية إلا ما يتعلق بالحرب على الإرهاب .

إن ما يجري في الجنوب منذ عام 1990م وحتى اليوم من قتل ونهب وفوضى والتي زادت بشكل ملحوظ ما بعد ثورة فبراير 2011م بحيث أصبحت ظاهرة القتل بضاعة يومية تسوق في الجنوب بعد أن كان الجنوب مثالاً للأمن والاستقرار، ليس على مستوى اليمن فحسب، وإنما على مستوى الجزيرة والخليج والعالم العربي.. أما اليوم فالمشهد في المحافظات الجنوبية مؤلم حقاً، فالمواطن ينام ويصحو على أخبار القتل وأصوات الرصاص .

إن هذا المشهد المأساوي يجب أن يكون الباعث الحقيقي لوحدة الصف الجنوبي ووحدة كل المكونات السياسية الجنوبية احتراماً لدماء الشهداء الذين سقطوا على أرض الجنوب، وانتصاراً للذكرى التاسعة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة، التي تفجرت ضد المستعمر البريطاني من قمم جبال ردفان الشماء عام 1963م بقيادة الجبهة القومية التي تكونت من خلال دمج سبع منظمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح وهي :

1) الجبهة الناصرية . 2) حركة القوميين العرب في الجنوب المحتل . 3) المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل . 4) الجبهة الوطنية . 5) التشكيل السري للضباط والجنود الأحرار . 6) جبهة الإصلاح اليافعية . 7) تشكيل القبائل الأحرار .

ثم التحقت بها ثلاث منظمات أخرى هي : 1) منظمة الطلائع الثورية بعدن . 2) منظمة شباب المهرة . 3) المنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل .

إن المتتبع لمشاريع وبرامج هذه المكونات لحل القضية الجنوبية يجدها متشابهة ولديها من القواسم المشتركة الكثير، مما يسهل اندماجها في إطار جبهوي موحد، فالمشكلة ليست في المشاريع أو البرامج يظهر أن المشكلة في القيادات التي تتربع على رأس هذه المكونات وتتصارع فيما بينها، كل واحد منهم يريد أن يحتفظ بموقعه القيادي على حساب القضية الجنوبية، في الوقت الذي يسقط الجرحى والقتلى، كما يلاحظ أن هذه الانقسامات قد أثرت سلباً على الفعاليات السلمية في الشارع والتي تفتقد إلى التنظيم ووحدة القيادة، كما أن التدخلات الداخلية والإقليمية والدولية واضحة جداً، فكل طرف من هذه الأطراف يريد أن يوظف القضية الجنوبية لصالحه الخاص ولأهداف سياسية تخدم صراعه مع الطرف الآخر، ولاسيما وأن الساحة اليمنية والعربية والدولية تشهد صراعات وانقسامات منذ ثورات الربيع العربي ولازالت حتى اليوم .

إن تعدد المكونات السياسية الجنوبية أوجد مشاريع وبرامج متعددة لحل القضية الجنوبية، ولكل مشروع وبرنامج أنصاره ومؤيدوه، وهذا يعقد من الوصول إلى حل عادل للقضية الجنوبية يرضي الجميع .. لذا فالاستفتاء الشعبي على من يمثل الجنوب وعلى المشاريع المطروحة بإشراف عربي ودولي، هو الحل الأخير والصائب تجنباً لاحتكاكات جنوبية جنوبية أو تكراراً لحرب صيف 1994م الظالمة التي شنها النظام المخلوع على الجنوب والتي كانت سبباً مباشراً في ظهور هذه المشاريع بعد فشل مشروع الوحدة الاندماجية التي تمت بين الشطرين عام 1990م .

إن الانقسامات القائمة في الحراك السلمي الجنوبي للأسف الشديد هي امتداد للصراعات التي شهدها الحزب الاشتراكي اليمني إبان حكمه للجنوب، فليس من الحكمة في شيء الانشداد إلى الماضي والتمسك به، فالساحة العربية واليمنية قد تغيرت بفضل ثورات الربيع العربي التي لم يعد للاستبداد وحكم الفرد فيها أية مكانة، فالشعوب أصبحت هي صاحبة الحق والكلمة الفاصلة، وعلى الجميع ترك الماضي ومآسيه والالتقاء حول مائدة واحدة للحوار من أجل التوحد والاتفاق حول رؤية واحدة لحل القضية الجنوبية ترضي الأغلبية من أبناء الجنوب من خلال استفتاء شعبي أو من خلال أي شكل آخر يتم الاتفاق عليه .

وفي هذا الموضوع أجدها مناسبة سعيدة لأرحب بالوكيل الجديد المعروف بطيبة قلبه وجديته في العمل، متمنياً له النجاح والتوفيق في هذه المهمة الشاقة في المرحلة الحرجة والدقيقة، وأقول له : صراحة أن نجاحك في هذه المهمة الشاقة يتوقف بدرجة كبيرة على قدرتك على اتخاذ إجراءات جادة وحازمة لاقتلاع جذور الفساد والفاسدين من مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية في الوادي والصحراء؛ الفساد الذي خلفه ورعاه النظام المخلوع عن قصد، مما جعل هذه المؤسسات عاجزة عن القيام بعملها وواجباتها خدمة للمواطن والوطن .

بقلم / أ. فرج طاحس

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص