حضرموت اليوم / سيئون / خاص
( العمل الجماعي موروث عريق كيف نعيده ) هذا هو عنوان ندوة مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون لهذا الأسبوع , حضرها قامات وشخصيات اجتماعية مرموقة كان لها السبق والباع الطويل في تأسيس العمل الجماعي والخيري و الإداري منذ عقود , فعلى أيدي البعض منهم تأسست العديد من الجمعيات و نمت وتكرست مفاهيم رائعة للعمل الجماعي الموروث من القيم الحضرمية الأصيلة , فقد شهدت خمسينيات القرن المنصرم إزدهار قوي تمخض عن تأسيس العديد من المدارس الأهلية والمرافق الحيوية والنفعية بهمم وجهود ذاتية التي لازالت راسخة ومتينة تؤتي أكلها بكل كفاءة وفعالية حتى حينه , فقد كانت تلك الإنجازات نواة مباركة للعديد من المؤسسات والمنشآت الكبرى الماثلة أمامنا حتى الساعة .
وفي استعراض له أوضح الأستاذ عبدالله بن صالح الكثيري وهو المدير الثالث لمدرسة التعاون و أحد من آلت إليه رئاسة جمعية التعاون فيما بعد , محطات من مسيرة الجمعية التي تأسست عام 1961م بسحيل سيؤون , ومن خلال عرف الكثيري برجالاتها المؤسسون أمثال سعيد باصحيح ومبارك قهمان ويسلم بامفتاح و أخيه محفوظ والسيد عمر بن عبدالرحمن السقاف و صالح علي باحشوان حيث كانوا يستقطعون جزء من مداخيلهم لرفد الجمعية التي بدأ نشاطها بتأسيس مشروع للمياه ثم تم استئجار أحد البيوت الصغيرة لتأسيس ما عرف فيما بعد بمدرسة التعاون , وخلال ذلك تطرق إلى ثنايا الرحلات الإقليمية التي بدأها رئيس الجمعية ذلك الحين السيد عمر بن عبدالرحمن السقاف , ثم الأستاذ الكثيري التي أسهمت في نقلة نوعية كبرى في إنجازات الجمعية .
أما الشيخ عمر بن قاضي وهو أحد مؤسسي شركة النجارة ومديرها لنحو نصف قرن , فقد تحدث عن تجربته في تأسيس الشركات المساهمة , وعن دور شركته في هذا المضمار و في احتوى الكثير من الشباب وتأهيلهم في هذا الجانب الفني الذي أسهم بقوة في تأسيس البنية التحية للعديد من المنشآت و ازدهار العمارة في عموم الوادي .
كما وصف الأستاذ عوض محمد السبايا المدير السابق لمكتب الشؤون الاجتماعية , تلك الحقبة بأنها عاشت طفرة و ازدهار للعمل الجماعي النقي المخلص فقد تأسست خلال تلك الفترة العديد من المشاريع الحيوية والشركات الهامة التي نقلت وغيرت نمط الحياة في البلاد , وأسست الكثير من الخدمات التي ننعم بها اليوم , بجهود وتخطيط فردي أو جماعي وأسعار زهيدة نسبياً .
وفي بوح لذاكرة التاجر المعروف الشيخ أبوبكر بن عبدالرحمن باكثير , وصف بشفافية ملامح تلك الفترة لتاجر مخضرم تعامل مع كافة عناصر المجتمع وأرتبط بتعاملات تجارية عميقة مع حكام البلاد وأعلامها ورموزها وعامتها , فعكس بذلك صور رائع لتلاحم وترابط وعفة وقيم ذلك المجتمع , حتى في النوائب والأزمات .
و من خلال التعقيبات والمداخلات التي أثرت الندوة و ألهبت حماس الحضور وخاصة الشباب برزت العديد من التساؤلات عن
غياب ذلك التوجه والروحة المجتمعية الوثابة في و قتنا الحاضر و عن إحلال الشركات المحلية بشركات من خارج
المحافظة , فقد اوعز المنتدون ذلك إلى
غياب الثقة والشفافية و قلة المدخرات التي قد لا تتناسب حالياً مع حجم الأرقام
المطلوبة لمشاريع بحجم هذا الوقت .
إلا أن الجميع أكدوا على أهمية التوعية و ضرورة إعادة النظر في واقع اليوم و تعزيز اللحمة والعودة إلى الجذور انطلاقا من القيم الموروثة التي تحقق السلامة و الترابط لعموم المجتمع و تلبي كافة احتياجاته في أي ظرف و زمان .
الندوة وثيقة تاريخية وإضافة نوعية تحسب لهذا المركز الحريص على توثيق تراث البلاد .