هذه نماذج من ضغوط الحياة .. لكنها لم تحل بين رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. بل بددوها .تجاوزها .. قفزوا فوقها .. وضعوها تحت أقدامهم .. وصدق الله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص : 56]
(4) ومن الصين مثال
يحكي مدير لجنة آسيا التابعة لهيئة الأعمال الخيرية دعيج الشميري قصة أغرب من الخيال حدثت في أحد الأقاليم الصينية النائية ، فيذكر عن إقبال الناس في الصين على الإسلام وعودة آخرين بعد أن مضى عهد الثورة الثقافية إلى دين الله : ( الَّذِي ارْتَضَى لَهُم ْ ) [النور: من الآية55] ومما حكاه من طرائف الإقبال أنه :
بينما دعاة لجنة آسيا يجوبون بعض مناطق الصين للدعوة إلى الله إذ مروا بإحدى قرى مقاطعة جونجو التي يبلغ عدد سكانها سبعة آلاف نسمة ، فوجد أولئك الدعاة اهتماما غير عادي من أهالي تلك المقاطعة بصندوق محكم الغلق ، فسألوهم عن سر ذلك الاهتمام فأجابهم السكان ، إن هذا الصندوق به ديننا ودين آبائنا !؟ استأذن الدعاة أولئك الأهالي في فتح الصندوق لمعرفة ما فيه فكانت المفاجأة !! يا إلهي ! أتدرون ما الذي بذلك الصندوق ؟! قد يخطر على بال بعضكم أن به صنما فقد عبد الصيني البشر من كونوفوشيوس إلى ماو ، وعبدوا كل جميل وقبيح من البقر إلى الشجر ، ومن الشمس إلى القمر ، بل وعبدوا الجعلان والصفاصيف وسائر دواب الأرض ، فما الذي يا ترى سيكون بداخل الصندوق من تقليعاتهم ياترى ؟!!
لقد كانت المفاجأة حقا وصدقا ! أتدرون ما وجدوا ؟ لقد وجدوا قطعة سجاد فاخرة بداخل الصندوق ! بداخل قطعة السجاد قصاصات من ورق لكنه لا ككل الورق !! إنه يضم قصاصات لكن من المصحف الشريف ، القرءان العظيم ، كلام رب العالمين ! يا للهول !! ويا للمفاجأة !!؟ ويا لأقدار الله الذي تولى حفظ كلامه سبحانه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ْ ) [الحجر:9]
قال الدعاة : هذا ديننا ، هذا قرآننا كلام ربنا ، منهج حياتنا ، من استمسك به نجا ، ومن انحرف عنه ضل . وأخذوا يشرحون لهم تعاليم الإسلام وما في الصندوق ، فعادوا جميعا إلى دينهم الحق بعد أن عملت سنون الغزو الفكري و الثورة الثقافية عملها فيهم وأبعدتهم عن دينهم الحق كل هذه السنوات الطويلة منذ عام 1912م حوالي 100سنة .
وهنا تطوع المنفق الكبير والمحسن الجليل ورجل الخير البارع أبو بدر عبد الله المطوع رحمه الله من الكويت ببناء مسجد للقرية على نفقته وعين له إماما على حسابه ، وأصبح ذلك المسجد اليوم مليئا بالرواد بعد أن كانوا لا يعرفون من دينهم إلاّ ما بداخل الصندوق الذي استحفظهم إياه أسلافهم .. فهل رأيت قصة في الواقع أغرب من خيال كهذه ؟!
بقلم الأستاذ : محمد يسلم بشير
الحلقة السابقة