حضرموت اليوم / سيئون / أ.محمد
علي باحميد
في مجلة (عندل) الفصلية الثقافية التي
يصدرها مكتب وزارة الثقافة بوادي حضرموت، وتحديداً في عددها الرابع الصادر في
أكتوبر- ديسمبر 2011م ورد هذا الخبر في صفحتها السابعة وهو : «إقرار مناقصة مشروع
مركز باكثير للتنمية الثقافية من قبل لجنة المناقصات العامة بالوادي والصحراء
بتكلفة مالية تقدر بـ (970.176.606) ريال على مساحة قدرها (600) متر . حيث يتكون
المشروع من دورين، يكون الدور الأول قاعة اجتماعات تتسع لحوالي (400) شخص، أما
الدور الثاني فيحتوي على مكتبة عامة ومكتبة إلكترونية ومكتبة أطفال وملحقاتها، ومن
المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع خلال عام من تاريخه» .
هذا هو نص الخبر كما جاء في تلك المجلة . والسؤال
الذي يطرح نفسه هنا وبقوة هو : أين مركز باكثير للتنمية الثقافية هذا الذي يتحدث
عنه مكتب وزارة الثقافة بوادي حضرموت ؟ أين يوجد هذا المركز الضائع بل الذي لا
وجود له على الإطلاق ؟ وإن قيل أنه موجود فهو عبارة عن مبنى مغلق لسنوات عديدة
ينعب في أركانه البوم وتعشش في زواياه العصافير وسائر دواب الأرض .
صحيح أن دار باكثير أصابته رعشة ترميم شاملة
لإعداده وتهيئته كمتحف يضم كل ما يخص الأديب باكثير من مؤلفات ومقتنيات شخصية له
إلا إن هذا لم نر شيئاً منه حتى الساعة، والخوف كل الخوف الآن أن تظل داره ذريعة
لابتزاز الأموال الطائلة على طريق الإثراء الفاحش غير المشروع، كما نرفض رفضاً
تاماً أن نجعل منه قميص عثمان الذي نتاجر به ونغتني منه مع مرور الشهور والأعوام .
إنه من المضحك والمبكي في آن واحد أن نتحدث
عن شيء غير موجود بيننا بل لا أثر له ولا حس، بل مما يثير الريبة والشك هو التفكير
في ذلك التشييد والتعمير لقاعة اجتماعات ومكتبة عامة وللأطفال دون الالتفات والعمل
أولاً إلى ما هو بعد ترميمنا للدار وصيانته وهو الإتيان بتراث باكثير من مكتبة
خاصة به ومؤلفات له ومقتنيات شخصية تخصه وكل ما يتعلق بحياته الخاصة وعلاقاته
العامة ووضعها أمام أنظار الناس والتي ستجعلهم يتجاوبون وبحماس شديد مع أي مشروع
جديد نهدف من ورائه تطوير وتوسيع نشاط هذه الدار .
إن تجنيد كل همنا وحصر كل تفكيرنا في جوانب
عمرانية، يجعل كل امرئ يشك في كل نية من هذا القبيل، وإن مثل هذه الخطوات تنبئ بأن
هناك متخصصون في بعثرة الأموال العامة دونما اكتراث لأننا نفتقد اليوم إلى أصحاب
الضمائر النقية والقلوب البيضاء والنوايا الحسنة التي تتصدى لكل صور الزيف
والتزييف .
إن علينا أن نتحرك حسب ترتيب الأولويات : فنحن
اليوم أكملنا إعادة ترميم دار باكثير بالكامل رغم النواقص التي رافقته، وأعددناه
الإعداد التام كمقر لمتحفه، وما علينا اليوم إلا أن نولّي وجوهنا شطر الخطوة
الثانية والأهم وهي جلب تراث باكثير المتنوع حيثما وجد ووضعه في تنسيق جميل بداره،
ليصبح مزاراً لكل الناس وكل الوافدين من داخل الوطن وخارجه، ثم يمكن لنا أن نفكر
في اتخاذ الخطوة الثالثة وهي بناء قاعة للاجتماعات ومكتبة عامة وإلكترونية ومكتبة
للأطفال .
إنني أحب في الأخير أن أنبه وألفت نظر أولئك
الذين تقع تحت أيديهم تلك المخصصات المالية الخاصة بدار الأديب باكثير أنها أمانة
لديهم وأنها ملك لهذا الشعب ومصالحه، وأن مكتب فرع وزارة الثقافة بالوادي هو
المؤتمن اليوم على دار الأديب باكثير، وسيكون هو المسئول الأول والأخير عن أي ضياع
لهذه الفرص الذهبية التي تظهر من حين لآخر لإعادة إنشاء متحفه وترتيبه من جديد
وإعادة للدار نشاطه وحيويته كما عهدناه في الماضي القريب .