في خضم الحراك السياسي الذي تشهده الساحة السياسية كنت أستمع لحوار بين شخصين حول الحراك الجنوبي من حيث الفكر والهدف والرؤية والتوجه العام , وكنت أربط كل ما يقال بالواقع وأستغرب من الطرح , وسأل أحدهم الآخر لماذا لا تكون حراكيا ..
حقيقة السؤال وجهته لنفسي لماذا لا أكون حراكيا .. فأجبت على نفسي بالتالي :
سأكون حراكيا ..عندما يترك الحراك وأتباعه سياسة التخوين ولصق تهم العمالة و الزندقة وو ووو وو ...لكل مخالف يختلف معهم في الرؤية والتوجه وإن كان المخالف من المشهود لهم بالعدل , والاحتفاظ بأرصدة الوطنية لقيادات متهالكة من العهد البائد كانت السبب في تخلف الجنوب حقبة من الزمن خلف سياسات السحل والقتل والتصفيات الجسدية و بقوة القانون.
سأكون حراكيا ..عندما يصفي صفوفه من الدخلاء وممن يتقنون فنون الصيد في الماء العكر, ومن هم محسوبون على أجهزة استخبارات المخلوع , حتى أضمن أن هناك استقلالية في اتخاذ القرار بما يخدم القضية ويسهم في بناء المستقبل المنشود.
سأكون حراكيا ...عندما تكون الصفوف الأولى من القيادات التي لم تتلطخ أيديها بدماء أهلنا الأبرياء في الجنوب ولم تكن القضية يوما سلعة يبيعون فيها بعرض الكرة الأرضية وطولها , أو مزرعة يرهنونها للمشاريع الخارجية التي لا تخدم المصلحة الوطنية.
سأكون حراكيا .. عندما أجد الصفوف الأولى في كل مسيرات النضال تحتلها القيادات الثورية التي تنبع من أعماق الشارع الذي يكتوي من نار الظلم , حتى أضمن أنني لست كبشا للفداء , وحتى لا نصنع زعامات على أشلاء المساكين وجثثهم.
سأكون حراكيا .. عندما يعلنها الحراك صريحة ببراءته من التبعية لإيران أو من يدور في فلكها , دعما وتوجيها وتسليحا , إعلاما وسياسة وحركة في الشارع , حتى أضمن أن فكرتنا محلية الإنتاج لا تخدم إلاّ مصالح أبناءها الذي ناضلوا من أجلها , وحتى نضمن أن لا تعود علينا فترات نتحسر فيها على وقوفنا صفوف , ونعلم بعدها أننا ما كنا سوى أرقام في خدمة اللعبة الدولية على بسط النفوذ , وفي الواقع نحن خارج اللعبة الداخلية لتحقيق أهدافنا في الجنوب.
سأكون حراكيا .. عندما تتنازل القيادات التي عفا عليها الزمن , وأكل عليها الدهر وشرب , وما زالت تتصارع على السلطة المزعومة , في حين أنها لم تستطع أن تتقدم بهذا الشعب شبرا واحدا على أرض الواقع , القيادات التي ما زالت تفكر بعقلية الماضي , وما زالت تقصي بعضها بعضا حتى تضمن أن الكعكة غير قابله للقسمة على اثنين.
سأكون حراكيا ..عندما تعلن فك ارتباطها عن كل ذلك أما وهي ما زالت تخون المعارضين وإن كانوا من رفقاء الأمس , وتسلم الوطن على طبق من ذهب للمشاريع الإيرانية نكاية بالجيران , وتعتدي على كل مخالف لها من باب من ليس معنا فهو عدونا , وتقود صفوفها الشخصيات التي تلطخت أيديها بدماء أهلنا من أبناء الجنوب , ولا تحترم لهذه الأمة أي قيمة وترهن القضية في سوق النخاسة , وتقدم أبناءها وشبابها كباشا للمحرقة العظمى , لتصنع بهم الزعامات الكاذبة .. هنا أجدنا مضطرا للقول كفى لا لإعادة الماضي بكل تفاصيله ... واجدني أقرر أنني ..
سأكون حراكيا عندما يلج الجمل في سم الخياط ..
بقلم : محمد الخليفي