حضرموت اليوم / سيئون / خاص
التفكير ... فريضة قرآنية خص الله بها الإنسان دون غيره من المخلوقات وهي معيار دقيق يعكس مستوى إيمانيات وفكر وثقافة الفرد و المجتمع وبما أن ذلك مرتبط بكل جوانب الحياتين دون استثناء فقد أقام قبل أمس مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع محاضرة قيمة بعنوان ( فريضة التفكير كيف نحييها ) ألقاها السيد / محمد بن حسن السقاف تضمت العديد من المحاور الهامة منها فريضة التفكير في القرآن الكريم , حيث استشهد المحاضر بالعديد من الشواهد القرآنية ومثلها من الأحاديث النبوية والأثر , وفي تفصيل أوضح المحاضر العلاقة بين الفقه والفكر و الفكر والعلوم الأخرى وقد شخص المحاضر واقع الحراك الفكري و الثقافي في حضرموت لفترات من التاريخ الحضرمي ما بين إشراقات و خبو , ثم انتهى إلى ما استقر عليه الواقع حيث استطرد المحاضر في تفاصيل أسباب ذلك الخلل , وفي هذا المحور سرد المحاضر العديد من الشواهد و الأمثلة و الشخصيات الحضرمية التي منها العديد من اراكين الفكر والأدب ومنهم من أصبح من رموز العلوم الإنسانية , و في تعريف للمفكر وصف قال السيد محمد السقاف أن المفكر الواعي الذي تحتاجة الأمة اليوم في معالجة واقعها و رأب صدعها الذي تخلخلت به الأركان والثوابت بأنه هو من يستشعر أنواع و حجم المخاطر التي تحيط بالمجتمع وهو من لديه البصيرة والرؤيا الثاقبة لرسم الخطوط العريضة للواقع والمستقبل و أن يكون لديه حظ كبير من الورع والزاهد والنزاهة و الصدق مع الذات و الأمانة و الغيرة على سلامة و نماء و ازدهار المجتمع و شخصية و كرامة عموم أفراد المجتمع , كما أضاف بأنه لابد أن تتوفر للمفكر بيئة توفر له حرية الرأي والجرأة والشجاعة و الحكمة و الثبات على القيم وضوح الهوية وبعد النظر بما يحقق المصلحة العامة وتعزيز اللحمة , كما أنه أهمية دور المفكر تكمن في كونه الوسيط الأمثل بين فئات المجتمع و الفرقاء فهو يقرب العامة إلى فهم أفكار الخاصة ليرقى بالعوام و بأفكارهم إلى حد أدنى لتحقق المصلحة العامة , كما أن دوره حيوي في إذكى حواس المجتمع الوطنية والاجتماعية والذوقية والملكة الفكرية و تنمية الشعور بالمسؤولية الجماعية
كما أكد السيد السقاف بأنه يجب على المفكر أن يكون ذي رسوخ وثبات في انتمائه وهويته ورباطة الجاش والصبر و سعة في ثقافته و علمه ودرايته و مثابرة ومتابعة وإطلاع والمفكر كأي إنسان يعتريه الضعف ولكن بنسبة أقل من الآخرين و إن لم يكن لدية القوة والجلد على مقاومة النقائص فهو ليس جدير بهذه الرتبة الرفيعة التي تلي رتب الأنبياء وتفوق أحيانا رتبة العلماء
وفي الختام انتهى السيد السقاف إلى أن المفكر هو اللبنة الأساسية والبوصلة الهادية والقائد والرائد لعموم المجتمعات وعلى وجه الخصوص المجتمعات الإسلامية لأن القرآن الكريم والسنة المطهرة رسمت له الخطوط العريضة والدقيقة لكل متطلبات ومعالجات كافة قضايا الأمة ماضيا وحاضرا ومستقبلا , فلا توجد أمة على الأرض تعلم من ماضيها وحاضرها ومستقبلها أكثر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
ختاماً أجمع الحضور النخبوي بأن المجتمع بأمس الحاجة إلى المفكر الواعي الغيور الذي يسمو بحضرموت فوق كل مهاترة ومنزلق ويدرك المخاطر والمهالك التي تحيط به من كل حدب وصوب و بحاجة إلى من يلتفت بوعي وذكاء إلى الجوانب الحيوية للمجتمع و إلى بناء الإنسان الذي هو أكرم مخلوقات الله في الكون وإلى بناء و إعمار العقول التي تعمر الأرض .