نحن بحاجة إلى أن نفقه الأمثلة القرآنية التي أتت لمعان كثيرة وفيها تجسيد لحياة الإنسان فرداً وجماعة ، وفيها دعوة للإنسان بالضرورة إلى البعد عن النماذج الشريرة لينعم بحياة أفضل في الدنيا والآخرة ، وفيها تذكير للإنسان بأهمية الصبر ومجاهدة النفس لينجو من السقوط في خندق الشر .
لقد ضرب الله تعالى بحشرة العنكبوت مثلاً لطباع النفوس الشريرة ، والكيانات الخبيثة التي تسعى في الأرض فساداً .. بينما وردت النحلة في القرآن كمثل لمزايا النفوس الخيرة .
فالعنكبوت يرمز إلى الظلام ، الأنانية ، الانفراد ، البرجماتية ، النفعية ، التوحش ، التوجس ، الانعزال ، والتآمر ، بينما ترمز النحلة للعمل النافع المنتج ، الوحدة ، التعاون ، التلاحم ، التجانس ، التكامل ، الأمن والسلام ، والنشاط في وضح النهار.
ويجب علينا ألاّ ننقل قانون العنكبوت إلى حياتنا لاسيما حينما تعيش الأمة مخاضات التغيير الكبرى كثورات الربيع العربي حيث بالضرورة يكون للإنسان دور: إما البلطجة والعنكبة ، وإما دعم الثورة .
إن كل من ارتمى في خندق الثورة المضادة لثورات الربيع العربي الشبابية الشعبية السلمية العملاقة فقد سلك نهج هذه الحشرة الشريرة ، واستعار طباعها في الشعور دوماً بعداوة الآخرين لها واضطهادها وان لم يكن هناك عدو لان الشعور بعداوة الآخرين جزء من تركيبها ، فعملها الدائم هو صنع الشراك والتشبيك ووضع الأحابيل .
وهذا هو حال الثورات المضادة البائسة في مصر وآخرها معركة الدستور ، وفي اليمن بدوافع مناطقية ومذهبية ومصالح ذاتية ، وفي دول الربيع العربي الأخرى بتبريرات مختلفة .
لقد اقتضت طبيعة حياة العناكب انه بقدر زيادة التشبيك تزداد فرص الوقوع في الشباك البالية المتهالكة . والذي لا يعرف طبيعة حياة العنكبوت ولا بيته يتوجس خيفة منه ، وقد ينبهر بما يشاهد فيه من التصاميم الفنية البديعة ، والأشكال الجميلة ، وكثرة الدهاليز، والمداخل والمخارج ، إلاّ انه في الحقيقة مخلوق خائف وجل وبيته اضعف بيت على الإطلاق .
إن الحق يكمن في تكريس قيم الخير وفي الوعي والثقافة التي تحمل الحوار والجدال بالتي هي أحسن وفي الاعتراف بالآخر واحترامه ، وفي التحلي بقيم الإسلام الداعية إلى الحرية والشورى والمساواة والعدل والصدق والعمل الصالح للإنسانية كلها ، ونبذ الباطل بكل أشكاله وألوانه ، وزخارفه ومغرياته .
بقلم : حسن الجريري