لطالما كان الحوار وسيبقى من القيم الإنسانية الأصيلة التي تعطي المجتمعات الإنسانية قيمتها الحضارية وتحفظها من المنعطفات الخلافية التي لطالما صبغتها الدماء والمآسي والآلام، وعلى نفس المنوال يمكننا أن نقيس قيمة التصالح والتسامح التي ارتسمت على سماء الجنوب طولاً وعرضاً في الثالث عشر من يناير الماضي.
ما جعلني اطرق هذا الموضوع ما تفاجأت به من أنني أحد المرشحين ضمن أسماء أخرى لأخوةٍ أفاضل لمنصبٍ لم يخطر لي يوماً على بال ولم ولن أسعى اليه، وهو منصب الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني المقرر انعقاده في الفترة القريبة القادمة، وإن صحّ الخبر أو لم يصح، فإني اعتقد أن التعويل على نجاح هذا المؤتمر في إخراج البلاد من غياهب الضياع والتيهان ينبغي أن يرتكز على حسن التهيئة والاعداد لحوارٍ يحمل معنى وقيمة الحوار، وليس مجرد ذرٍ للرماد على العيون، وتحصيلٍ لحاصل هو ما يريده الآخرون لا ما أراده مواطنٌ مسكين عانى ويعاني من هرطقة الساسةِ وجعجعة المتنازعين على جسد الوطن وأصبح لا يبحث ولا يرجو غير لقمة عيش كريمة ومسكن كريم وغيرها من أساسيات الحياة الكريمة في حدها الأدنى.
وان من أولويات التهيئة لمؤتمرٍ بهكذا حجمٍ وهكذا هدف عدم غض الطرف أو التهاون والتساهل أو التجاهل لأكبر وأبرز قضية بل أم القضايا جميعها إلا وهي القضية الجنوبية وما يعاني منه الجنوب وما تعاني وعانت منه حضرموت على وجه الخصوص على مدى الخمسة عقودٍ الماضية، لذا فإن من اهم محاور التهيئة للحوار المنشود هو تأمين المشاركة الجنوبية والحضرمية بشكلٍ حقيقي وصادق لا مجرد تمثيلٍ بشخوصٍ ومكونات لمجرد أنها جنوبية أو حضرمية بل ينبغي تأمين الحضور لكافة الأصوات مهما علا سقفها ومهما ارتفعت مطالبها فهي في الأخير تحمل رأيا ينبغي أن يُحترم في مؤتمرٍ من المفترض انه يؤسسُ لوطنٍ يحملُ قيمَ الحوار والتسامح والتصالح والديمقراطية والحكم الرشيد.
كم يحتاج هذا الوطن فرصةً للحياة، وكم يحتاج هذا المواطن فرصةً للعيش بكرامة وحرية وسلامٍ ورخاء.
بقلم الدكتور : عادل محمد باحميد