حضرموت اليوم / صنعاء / خاص
في فعالية تميزت بجمعها لآراء مختلفة داخل تيار واحد ، أقام منتدى الدكتور غالب القرشي ندوة لمناقشة كتاب الشيخ عارف الصبري "مؤتمر الحوار الوطني.. عمار أم دمار" الذي أثار جدلاً خلال الفترة الأخيرة ، مستضيفاً الشيخ عارف الصبري مؤلف الكتاب ، والدكتور محمد الوقشي وعدد من العلماء والباحثين.
الدكتور غالب القرشي قال في تَقْدمة للفعالية أن الهدف منها النقاش الموضوعي والتقريب بين وجهات النظر متمنياً على المتحدثين الالتزام بقواعد الحوار وأخلاق المتحاورين ، حتى تتحقق الفائدة والمنفعة مما سيطرحونه.
أما الشيخ عارف الصبري– مؤلف الكتاب – فقد تحدث عن كتابه مستعرضاً محتواه بصورة مقتضبة ، وبرر الصبري تأليف هذا الكتاب بقوله: "رأيت الخطر الذي يحدق ببلدي ، فبادرت إلى تقديم هذا الكتاب ، بياناً للواجب الشرعي والديني".
وفي تفصيل طويل استعرض الصبري مظاهر الخطر المحدق بالبلاد والقادم تحت مظلة الحوار الوطني – حسب رأيه– موجهاً انتقادات لأشخاص في اللجنة الفنية ، لم يسمهم ، يتمادون في كتاباتهم ومنشوراتهم على الله والشريعة الإسلامية ، وأن مؤتمر الحوار لم يجعل المرجعية الأولى للشريعة الإسلامية ، وقدم عليها مرجعية القانون الإنساني والمواثيق الدولية ، بالإضافة إلى الوصاية التي يمارسها الغرب على مؤتمر الحوار الوطني من خلال رعايته وتمويله.
وقال الصبري: "أنا لم آت بأمر مبتدع ، بل هذا ما قاله فقاء الشريعة والسياسية.. أن السيادة للشرع والسلطة للشعب".
واستدرك الصبري بأنه مع الحوار الوطني لكن بضوابط حددها إجمالاً.. بالحاكمية المطلقة لله تعالى ، وقيام الدولة بتطبيق أحكام الشريعة ، ورفض الوصاية الأجنبية ، وأن التعاطي معها جريمة ، وبسط نفوذ الدولة على كامل أراضي البلاد دون استثناء ، وتمثيل جميع الفئات تمثيلاً عادلاً.
وفي وجهة نظر مخالفة لما طرحه الكتاب قال الدكتور محمد الوقشي: "مجمل الخلافات بين المسلمين خلافات على السلطة ، ولا خلاف بين أي يمنيْين أن الحاكمية والمرجعية للشريعة الإسلامية ، والكل مجمع على هذا".
وواصل الوقشي حديثة قائلاً: "النزاع في اليمن نزاع على السلطة وليس نزاع على حاكمية الشريعة ، وعدم النص على أن الشريعة هي المرجع لا يعني أنها غائبة ، فعدم الذكر لا يدل على العدم".
ومن المآخذ التي ذكرها الوقشي على كتاب الصبري "العبارات القاسية" – حسب قوله –التي وردت فيه من قبيل "أن المبادرة الخليجية أخرجت الشعب اليمني من عبودية الله إلى عبودية الغرب" وقال الوقشي أن هذا كلام مبالغ فيه ، وإذا أخذنا به فيعني أن من وقع على المبادرة يعد من المشركين.
ثم أن الكتاب اعتمد في طرحه على اعتبار أن أشياء قد وقعت – والحديث للوقشي– وهي لم تقع بعد ، كنفيه تمثيل العلماء في الحوار ، قائلاً: "وكيف علمت أن العلماء لن يُمثّلوا في مؤتمر الحوار"؟
وفي إشارة إلى رد الدكتور ياسين سعيد نعمان على الكتاب قال الوقشي: "لقد كان طرحاً دقيقاً لرجل سياسي متمرس".
وفي ختام حديثه قال الوقشي: "كون الشيخ عارف الصبري ينتمي للإصلاح الذي أنتمي إليه أنا أيضاً ، لا يعني أن كلامه يمثل الإصلاح ، ولا ردّي يمثله ، والإصلاح إذا أراد أن يبدي موقفه من قضية ما ، يصدر بياناً".
القاضي حمود الهتار الذي أدار الفعالية قال مستشهداً بكلام لراشد الغنوشي: "أن قوى التوازن هي التي تتحكم في مجريات الأحداث وليست النصوص ، وقوى التوازن في اليمن لا تقبل أبداً بتجاوز الشريعة".
وقال الهتار: "لقد أخطأت الدولة واللجنة الفنية في عدم تحديد أهدافٍ لمؤتمر الحوار، وعدم تحديد مرجعية ، الأمر الذي فتح الباب للأقاويل المختلفة".
الأستاذ زيد الشامي رئيس كتلة الإصلاح قال في مداخلته: "لقد استجدت أشياء كثيرة بعد صدور الكتاب وهي تبعث على الاطمئنان ، ومن حق الناس على لجنة الحوار أن تبعث إليهم رسائل تطمين بما يخص مرجعية الشريعة كما طمأنت الجنوب وصعدة".
وختم الشامي حديثه بقوله: "وصلنا للحوار لأننا اختلفنا ، واحتجنا للخارج لأننا كدنا أن نقتتل".
أوجهٌ وآراء كثيرة ، تباينت وتقاربت ، حملتها العديد من المداخلات والتساؤلات جميعها أكدت على عدم تجاوز الشريعة الإسلامية كمرجعية للحكم والحوار، وأن النقاش في إطار كتاب الصبري يفترض أن يكون بين من يقرُّ بمرجعية الشريعة ومن ينكر ذلك ، ولا يمكن لأي يمني أن ينكر مرجعيتها مهما كان توجهه.
حضر الفعالية ، الشيخ مراد القدسي والدكتور إسماعيل السهيلي والأستاذ محمد عزان ، والشيخ عبد الملك التاج والقاضي يحيى الماوري ، وعدد من العلماء والمثقفين والباحثين والمهتمين.