عبد الله بن هامل ... الطعنة الأخيرة

في ملامح وجهه ترى حزم قاضي وفي تضاريس قسمات جبينه ترى جغرافيا وطن وفي صدره يستوعب هموم أمة يفيض ما فاض منها بصورة تأوهات وحسرات واحدة منها تكفي لترهق كاهل جبل .

قد لا تكون مشيته البطيئة غير دليل على ثقل الحمل الذي ينؤ به جسم الرجل ، ذلكم الجسم الذي لم تكن تنقصه طعنات سكين صدئ وعتيق .

لم تكن تلك الطعنات لتؤثر أصلا في جسم تنهشه سكاكين وخناجر وتهده معاول لا تنفك تعمل عملها فيه منذ عرف طريقه لتحمل المسئولية بجد وحسم وإخلاص وتفان .

كم أنا متعاطف مع الاستاذ عبد الله بن هامل ومدرك لما يعانيه ليس لأنه طعن فقط في ظهره على يد معتوه وبسكين حقير وضعيف لكن لأنه لم يكن أصلا في حاجة إلى مزيد من خيبة أمل تضاف الى خيبات لطالما تجرع الرجل مرارتها ولطالما تناوشته على مر تجربته في صراعه المرير مع مافيا فساد مديرية المكلا ومافيا الخذلان ، بل قد تكون لحظة الخذلان أمر من طعنة الغدر تلك .

ذات ليلية جمعتني بالأستاذ عبد الله كانت كفيلة بالنسبة لي أن تجعلني أدرك حجم ما يعانيه الرجل وما يواجه من صعاب قد أكون من أكثر الناس تفهما له خصوصا وأني قد مريت بنفس التجربة في رئاسة لجنة الخدمات بالمجلس المحلي بمديرية رخية ، وذلك حينما تكون رأس حربة في وجه فساد منظم ومقنن ومشرعن لا تكاد تجد لك مدخلا كي تنقض عليه ، وبالمقابل تجد مجتمعا يصطلي بنار المفسدين وهو يتلوى من الألم الى الحد الذي يفقده التركيز ولا يجعله يميز بين جهودك المضنية لمساعدته  بل إنه قد يتهمك بالتقصير ويلومك على كل ما حل به كونه ينتظر منك أن تعالج جميع العلل المزمنة في وقت واحد .

وفي الأخير أحب أن أوجه رسالتي فقط وأكرر فقط الى الأستاذ عبد الله بن هامل وهو الآن يرقد على فراش المرض وقد غادر البلد هذا اليوم حسب علمي متوجها الى مصر لتلقي العلاج أقول له :

أولا : إن قطرات دمك الطاهر التي أريقت لم تكون على قارعة الطريق كما يتوهم البعض ، بل هي قطرات دم زاكي تدفقت في وسط ساحة كفاح ونضال وجهاد وشرف في خضم معركة أبدية بين الحق والباطل والصلاح والفساد ولن تذهب هباء بل هي إضافة رائعة في شلال دماء الأخيار عبر التاريخ من لدن آدم عليه السلام ومرورا بكل معارك الشرف والإباء والخير والإسلام الى أبد الآبدين .. فلنستحضر هذه المعاني يهون علينا كل غالي .

ثانيا : ليس المجتمع كله في صف المعتدي الغادر الطاعن بسكين العار كما أنه أيضا ليس كله ذلكم الخاذل الجبان الخوار ، بل هناك الخيرين وإن كان صوتهم خافتا لكنهم يقدرون ما قدمت ويكبرون منك كل ما ضحيت به ، منهم من لم يستطيع أن يبلغك رسالته لكني بلسان حال هؤلاء جميعا وأنا واحد منهم  أبلغك الرسالة  بلسان حال الشيوخ الركع والأطفال الرضع والمشغولين والمسافرين والنساء والعجائز ومن لم يحبذوا إزعاجك بالزيارة لكنهم يطمئنون على حالك مع كل شارقة نهار تشرق فبلسانهم جميعا أقول لك ، جزاك الله خيرا وكثر من أمثالك ونصرك على القوم المفسدين .

ثالثا : ستعود إن شاء الله قويا سويا معافى مكرما منتصرا مأجورا بإذن الله تعالى ، وسيذهب الفساد جفاء بلا شك ، قال تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَال ) . فليكون شعارك شعار أسلافك من الأبطال .. نحن أمة لاتستسلم .. ننتصر أو نموت .. كي لا يشعر الفساد بنشوة  نصر ولا يهنأ برقاد .

بقلم : محمد احمد بالطيف

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص