هذه نماذج من ضغوط الحياة .. لكنها لم تحل بين رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. بل بددوها .تجاوزها .. قفزوا فوقها .. وضعوها تحت أقدامهم .. وصدق الله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص : 56]
( 6 ) روسيا من الاشتراكية العلمية إلى الإسلامية
شاب أوكراني شغوف بالبحوث العلمية الفيزيائية اسمه ديمتري بولياكوف ودخل المسجد وجلس بجوار الإمام بعد انتهاء الصلاة برفقة أحد النشطاء في مكتب التعريف بالإسلام في المركز الإسلامي وأشهر إسلامه ، ثم أصغى المصلون لرحلته إلى الإيمان فقال : أنه كان يعمل ضمن فريق أبحاث علمي في مجال الفيزياء الفراغية بقيادة أحد العلماء الأفذاذ وأنهم أجروا تجربة معملية لدراسة نظرية حديثة تفسر دوران الأرض حول محورها وهي النظرية الأحدث والأجراء في تفسير ظاهرة دوران الأرض حول محورها .
قام الفريق بتصميم نموذج لكرة أرضية مملوءة بالقصدير المذاب وضعت في مجال مغناطيسي كهربائي ثابت ، وحين يمر التيار الكهربائي يتمون المجال المغناطيسي فتبدأ الكرة في الدوران حول محورها وهي عملية تحاكي دوران الأرض حول محورها ، فتمثل الطاقة الشمسية القوة المحركة وتتناسب حركة الأرض مع كثافة الطاقة وعلى ذلك يعتمد وضع واتجاه القطب الشمالي للأرض .
الملاحظة : لوحظ أن القطب المغناطيسي للأرض حتى عام 1970م كان يتحرك بسرعة 10 كيلومتر في الساعة لكنه في السنوات الأخيرة زادت سرعته فبلغت 40 كيلومتر في الساعة وفي العام 2001م انزاح هذا القطب 200 كيلومتر مرة واحدة وهذا يعني أن القطبين الشمالي والجنوبي سيتبادلان موقعيهما مما يعني أن حركة الأرض ستدور في الاتجاه المعاكس وحينها ستطلع الشمس من مغربها !! ما إن أطلق فريق ديميتري نظريته هذه حتى قيل له أن المسلمون يعلمون ذلك منذ أكثر من 1400سنة ففي الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل طلوع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) حينها توجه ديميتري إلى المركز الإسلامي فأشهر إسلامه ولم ينقطع عن أبحاثه فأمامه رسالة الدكتوراه يود إكمالها ولكن بروح جديدة هي روح العالم الفيزيائي المسلم الذي يدرك في مختبره عظمة خالقه فيسجد ويسبح له !!!
د . بلسين أستاذ الفلسفة الماركسية هذا خبره
د . علي بلوسين ولد عام 1965م في مدينة موسكو ، وهو الأستاذ الحامل شهادة الدكتوراه في علوم الفلسفة الماركسية التي كان يؤمن بها ويدعو لها يوما من الأيام بل وأستاذها المقتدر زمن الاتحاد السوفيتي رغم شعوره بأن ثمة نقص يعتريها ، تخرج من الجامعة عام 1978م ، إذ لا بد لهذا الكون البديع المنظم من خالق عليم حكيم ، قاده تفكيره إلى التعرف على النصرانية ودرسها دراسة علمية حتى اعتنقها ودخل الكنيسة واعتلى مناصبها حتى صار قسيسا لـمدة 16عاما منذ عام 1983م ، وذا مكانة عالية في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية ، وتم ترشيحه من قبلها لأول برلمان روسي منتخب بعد تفكك الاتحاد السوفيتي (1990م ـ 1993م) ، وأصبح نائبا في البرلمان الروسي لمدة أربعة أعوام ، وكان يومها رئيس للجنة الأديان في البرلمان ، ثم عاد إلى الكنيسة ليبحث في جميع الاتجاهات النصرانية ليرى بأم عينه تناقضا عجيبا يناقض العقل كما يناقض التوحيد أيضا فيما يتعلق بشخصية المسيح عليه السلام فأوصله ذلك بعد دراسة عميقة إلى قناعة بأن النصرانية غير صحيحة .
وشاء الله أن يتابع برنامجا عرضه التلفزيون الروسي وهو البرنامج الديني الوحيد أيام عيد الأضحى عن الإسلام ومبادئه وعن الحج ، فشده في ذلك البرنامج مسألة التوحيد التي يدعو إليها الإسلام فكان البرنامج وهو النقطة الحاسمة في حياته ، شعر أن غشاوة زالت من على عقله ، وأن هناك انشراحا في صدره لما سمع ، فتابع البحث والدراسة حتى هداه مولاه للإسلام في ربيع عام 1999م وكتب بذلك مقالا أعلن فيه إسلامه وأصدر كتابه : (الأسطورة ، الدين والسلطة)، فشعر بفرحة غمرت قلبه ، وأحدث الخبر ضجة كبيرة على مستوى كبريات أجهزة الإعلام الروسية المقروءة والمرئية والمسموعة ، بل استدعت القناة الفضائية الروسية لإلقاء دروس دينية بها فاشترك في البرنامج الأسبوعي : (موسوعة الإسلام) ، ثم أصدر كتابين : (الانتصار على الشرك ,,فلسفة التوحيد( (الإنجيل بعيون المسلم ,,تحليل النصوص الدينية الرسمية الإنجيلية من خلال الرؤية الإسلامية ) فأصدرت الكنيسة الأرثوذكسية قرارا بلعنه وذريته لسبعة أجيال ولا حول ولا قوة إلا بالله وقاطعه أقاربه فشعر بالوحدة ، ولكن عوضه الله سبحانه وتعالى بإخوان مسلمين سدوا كل فراغ في حياته فأصدر كتيبا عنوانه : (لماذا أصبحت مسلما ,,الصراط المستقيم). فمجموع كتبه التي انتشرت انتشارا واسعا : ( 1) الطريق المستقيم إلى الله . (2) مقدمات الشرك . (3) الإنجيل بعيون مسلم جديد . بالإضافة إلى عشرات المقالات . وهو الآن رئيس اتحاد الصحفيين المسلمين ، ومستشار مفتي عموم روسيا لشؤون الأديان ، ويدير جمعية خيرية في مسكو ( الطريق المستقيم ) وهي متخصصة في دعوة غير المسلمين ومخاطبة العقل الروسي وتفسير ثقافته من خلال الإسلام ونظرته إلى التاريخ والفلسفة والآداب وعرض العقيدة والشريعة الإسلامية بلغة روسية ممتازة ، والاعتناء بالمهتدين الجدد الذين يزيد تعدادهم في مسكو وحدها على 10آلاف مسلم منهم الأستاذ الجامعي والمحامي والمهندس والطالب . ولذلك ففي مسكو يتم الآن بناء ثاني أكبر جامع ومركز إسلامي ثقافي واجتماعي ومقر لممثلية عن جمعيات أقاليم روسيا الإسلامية ، على مساحة تبلغ 15ألف متر مربع بارتفاع 75مترا ، يأمل أن يتم الانتهاء من بنائه عام 2008م .
إن روسيا تعاني من انخفاض عدد سكانها منذ عام 1992م ، فأعلن وزير تنمية المناطق أن عدد السكان قد انخفض 1.7مليون نسمة خلال عام 2004م لأسباب عديدة منها الإجهاض والعقم والهجرة والتدخين والعزوف عن الإنجاب ، فانعكس ذلك سلبا على مستقبل روسيا ، وليست هناك حيلة للمسئولين تجاه المصائب التي سيواجهونها مستقبلا والتي تكمن في قلة الشباب الذين سيستدعون للخدمة العسكرية خاصة وأن حالتهم الصحية أيضا غير لائقة إلى جانب العجز عن إمكانية تأمين الأيادي العاملة المؤهلة لبناء وتعمير البلد. لكن ظاهرة انخفاض تعداد السكان هي الأكبر في القوميات الروسية ذات الديانة الأرثوذكسية ، فيما القوميات ذات التدين الإسلامي تعدادها في ازدياد ، ولذلك فالإسلام الذي ينتشر هناك بتلك السرعة هو وحدة الكفيل بإنقاذ روسيا من خطر الانقراض الذي يتهددها !
إن الرجل اليوم يكتب ويحاضر وله موقع على الإنترنت .. يعمل بلا كلل ولا ملل داعيا قومه الروس أن { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }الأحقاف31 .
لقد أصبحت روسيا تتطلع بسبب هذه الصحوة إلى العالم الإسلامي حتى أنها طالبت بالانضمام إلى رابطة العالم الإسلامي ، وفي مطلع العام 1426هـ أقامت وزارة الخارجية احتفاء بالمناسبة دعت إليه سفراء الدول الإسلامية المعتمدة في موسكو ، وألقى في الحفل وزير خارجية روسيا كلمة رحب فيها بالحاضرين وعبر عن أن الإسلام جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا وثقافة الشعب الروسي ،إن عمر الإسلام في روسيا يزيد على 1100سنة وتعداد المسلمين اليوم يقارب تعدادهم 23 مليون نسمه منهم قرابة المليون يعيشون في العاصمة موسكو ..
بقلم الأستاذ : محمد يسلم بشير
الحلقة السابقة
إنك .. ولكن ..(5)
الحلقة الخامسة