انفصال إمارة كتالونيا الإسبانية

هي إقليم تاريخي في شمال شرقي شبه الجزيرة الايبيرية ، ومعظمها في إسبانيا مع الجزء المجاور في جنوب فرنسا.

تشكلت إمارة كتالونيا من اتحاد العديد من المقاطعات المختلفة خلال الاسترداد في ظل سيادة برشلونة ، وفيما بعد بشكل موحد في 1137م مع تاج اراغون ، الذي كانت إمارة كتالونيا عضوا مهما فيه.

بدأ الانفصال يدق باب دول أوروبا الغربية بعد أوروبا الشرقية ، هذه هي التعليقات الدائرة في اسبانيا ولدى بعض المحللين الأوروبيين بعد قرار برلمان إقليم كتالونيا إعلان الانفصال عن اسبانيا وبدء مسلسل تنظيم استفتاء تقرير المصير ، الأمر الذي يطرح تحديا حقيقيا على اسبانيا والاتحاد الأوروبي الذي يؤيد الكثير من الحركات الانفصالية في العالم وآخرها ما جرى في كوسوفو.

وتعيش اسبانيا على إيقاع مطالب الحركات القومية في كتالونيا وبلد الباسك وغاليسيا كما أن التاريخ الإسباني مليء بأحداث وحروب بسبب محاولات بعض الأقاليم الانفصال .

إلاّ أنه في مساء الأربعاء 24/1/2013م  تحول الأمر الى تحد حقيقي ، حيث  صادق برلمان منطقة كتالونيا التي تتمتع بالحكم الذاتي على النص السياسي الذي تقدمت به حكومة الحكم الذاتي برئاسة أرثور ماس ويدعو إلى بدء الانفصال عن اسبانيا من خلال استشارة سكان كتالونيا .

وصادق على النص 85 نائبا ينتمون إلى حزب الوفاق والتجمع واليسار الجمهوري الكتلاني وحزب مبادرة كتالونيا وحزب كوب اليساري في حين عارضه 41 نائبا ينتمون الى الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي وحزب المواطنين وامتنع عضوان عن التصويت ولم يحضر خمسة نواب من الحزب الاشتراكي في إشارة الى تأييدهم للانفصال .. وبهذا حصل الإعلان على الأغلبية المطلقة.

الإعلان يشكل تحديات حقيقية للدولة الإسبانية ، حيث تهدد الحكومة المركزية في مدريد برئاسة ماريانو راخوي من الحزب الشعبي المحافظ باللجوء الى المحكمة الدستورية لرفض هذا الإعلان ومنع إجراء أي استفتاء ، بينما تؤكد حكومة كتالونيا حقها في استفتاء تقرير المصير ابتداء من السنة المقبلة وتهدد بتدويل القضية.

وبين الطرفين ، توجد أطروحة يدافع عنها الحزب الاشتراكي بأن الحل الوحيد هو نظام فيدرالي.

وهذه المرحلة ، أي بدء مسلسل الانفصال ، التي وصلت إليها كتالونيا كانت منتظرة لثلاثة أسباب رئيسية:

1-  ويتجلى الأول في الشعور السائد لدى سكان هذه المنطقة بأنهم شعب بدون دولة ورؤيتهم إلى اسبانيا كدولة استعمارية.

 2- ويتمثل السبب الثاني في التوجه السياسي للكتالان الذي يعتبرون أنفسهم جمهوريين وليسوا ملكيين ، والأحزاب التي تقود الانفصال الآن وتترأس حكومة الحكم الذاتي لا تعترف بالملكية نهائيا رغم وجودها كذلك في البرلمان الوطني في مدريد.

 3- ويبقى السبب الثالث هو انتعاش القوميات في أوروبا الغربية ، فبعد عمليات الانفصال التي شاهدتها أوروبا الشرقية مثل تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا والاتحاد السوفييتي بظهور دول جديدة وآخرها جمهورية كوسوفو منذ سنتين ، تنتقل العدوى إلى أوروبا الغربية ، حيث اتفقت اسكتلندا مع بريطانيا على استفتاء تقرير المصير السنة المقبلة للانفصال عن التاج البريطاني أو البقاء فيه .

هناك بعض التشابه والتباين مع الحالة القائمة في جنوب اليمن مع بعض الفوارق المهمة التي يجب الانتباه إليها في حالة كتلونيا التي  تتمتع بحكم ذاتي وبرلمان ، وحسب خطة البرلمان الكتلوني  فهو سيصعد القضية دوليا وهذا يعني وجود دولا أخرى تدعمه  ، وأهل كتلونيا جمهوريون يعيشون في مملكه ولديهم أحزاب  سياسيه مرتبطة بالأحزاب  ألقائمه في البلد .

وجه التشابه بين كتلونيا مع الجنوبيين في اليمن من حيث الأسباب فالجنوبي يشعر بالتهميش في الحكم والفساد الذي أنهك الدولة والمواطن ، في حين  كان المواطن في الجنوب يتمتع بحب النظام قبل الوحدة ..  والشماليين الذين يميلون لحكم القبيلة ولم يتغيروا رغم مرور عشرين عاما على الوحدة .. ربما كان انفصال الجنوب السوداني عاملا مشجعا للجنوب اليمني لرفع الصوت عاليا بمطالب الانفصال .

وجه الاختلاف في انفصال جنوب اليمن وقضية كتلونيا إن المجتمع الدولي والإقليمي ضد الانفصال في اليمن ؛ لايوجد برلمان قادر على اتخاذ القرار ، الانفصاليون في اليمن ليسوا ديمقراطيين  ولا يتمتع الجنوب بالحكم الذاتي ولا الفدرالي  فهل يمكن الوصول إلى الانفصال في ظل الأوضاع ألاقتصاديه والمعارضة الاقليمية والدولية أم يجب أن يمر الجنوب  بمرحله تكون السلطة المركزية  في صنعاء لشؤون الدفاع والخارجية ويكون للمناطق بشكل أقاليم أو فدراليه الشأن المحلي والتطويري وبعدها يتخذ القرار بالانفصال او البقاء في الوحدة بشكلها الجديد وحينها تكون الظروف الموضوعية محليا وإقليميا ودوليا واقتصاديا قد نضجت وتكون الولادة ميسرة بدون دماء ...

بقلم المهندس : عبدالحافظ خباه

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص