تعتبر القضية الجنوبية من القضايا الجوهرية التي سيتناولها مؤتمر الحوار الوطني القادم , وهذا باعتقادي سيقطع الطريق على الذين يشككون في حلها والذين يستغلون هذه القضية لتحقيق أجندتهم السياسية , ومآربهم الشخصية الضيقة , فهم يحرصون على عدم حلها حلاً عادلاً , وهم بذلك يرتكبون إساءة بالغة للقضية الجنوبية تفوق مافعله النظام السابق بها , هذا من ناحية ومن ناحية أخرى استغلالها للتأثير السلبي على الاتفاق السياسي في اليمن – المبادرة الخليجية - و نسف كل الجهود الرامية إلى استتباب الأمن والاستقرار في الجنوب اليمني خاصة واليمن عموماً , وبالتالي وقف عجلة التنمية وتعطيل بناء دولة المؤسسات وتطبيق القوانين وتحقيق الحرية والمساواة والعدالة الانتقالية والاجتماعية , ووأد الوحدة اليمنية المباركة - المشروع الوطني المشترك - والتي أسيئ إليها وتم تجييرها لخدمة مصالح مجموعة قليلة من المتنفذين و المحسوبين على النظام العائلي وأزلامه والذين – للأسف - لازالوا يمارسون هواياتهم المفضلة في النهب والفساد والظلم إلى اليوم ..
إن حل القضية الجنوبية قد يكون تأخر كثيراً , ولكن هذا لايعني إن الحل الوحيد يكمن في الانفصال أو فك الارتباط , كما يتصور احد المكونات السياسية في الساحة الجنوبية - الحراك الجنوبي – وهؤلاء من حقهم المطالبة بما يعتقدونه انه الحل الأمثل لإنهاء الظلم والفساد الواقع على أبناء الجنوب منذ حرب صيف 94م وما تبعها من مظالم , ولكن ليس من حقهم أن يتحدثوا باسم أبناء الجنوب كافة الذين لا يوافقون جميعهم - بالضرورة- على مشروع الانفصال أو فك الارتباط وهذا من حقهم أيضاً , فالحل – في اعتقادي - إذاً يكمن في "الحوار الجنوبي - الجنوبي "وذلك للخروج برؤية مشتركة للتعبير عن القضية الجنوبية وأبناء الجنوب في "مؤتمر الحوار الوطني" والمتوقع انعقاده قريباً , وبهذا سيكون صوت الجنوبيين في هذا المؤتمر ارفع وحجتهم ابلغ وموقفهم أقوى وهذا بعكس ماهم عليه الجنوبيون اليوم من تشرذم وتمزق وإعجاب كل مكون سياسي برؤيته ورايته !! ..
وأخيرا .. إن موقف المجتمع الدولي والإقليمي من القضية الجنوبية والوحدة اليمنية والمبادرة الخليجية , ظل موقفاً حاسماً وثابتاً لم يتغير بتغير الظروف السياسية والمستجدات على الساحة اليمنية والساحة الجنوبية تحديداً وخاصة في أعقاب الحشود الجماهيرية التي استطاع "الحراك الجنوبي " , حشدها في عدن , في ذكرى 13 يناير الدامي , تحت شعار "التصالح والتسامح" !! , فان تلك الحشود الحراكية !! , لم تؤثر سلباً على الموقف الدولي والإقليمي من مساندة وتأييد العملية السياسية والانتقال السلمي للسلطة في اليمن – حتى الآن - بل وتأكيداً على ذلك زيارة أعضاء مجلس الأمن الدولي لليمن مؤخراً للاطلاع على سير العملية السياسية السلمية , وتطبيق المبادرة الخليجية , والحث على التسريع بالانتقال السلمي للسلطة , وإجراء مؤتمر الحوار الوطني في أسرع وقت ممكن وبمشاركة "الحراك الجنوبي" بجميع مكوناته السياسية المختلفة , وذلك باعتباره شريك سياسي ودعامة أساسية للتغيير السلمي في اليمن !! ..
بقلم : ناصر الصويل