كرم الله عز وجل النفس البشرية وجعلها نفساً زكية ليست ككل الأنفس فقال في محكم التنزيل : ” ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً ” [ الإسراء : 70 ] ، وجعل من كبائر الذنوب والخطايا قتل النفس الآدمية عمداً بغير حق ، فكيف لمؤمن حقاً أن يأتي هذه الفعلة الشنيعة النكراء ؟!، إنه إن فعل ذلك فقد انتفت عنه صفة الإيمان ، تلكم الصفة الربانية الجليلة التي لا تليق بالقتلة السفاكين ، واستحق مقت الله وعقابه ، إذ يقول تعالى : ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ا[ لنساء :93 ] ، وقال ناهياً زاجراً : ” “ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ … ” [ الإسراء : 33 ]، ومن قتل مسلما متعمدا لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم .
إن مما فشا من قتل الأنفس والأرواح في ربوع وطننا اليمني الحبيب واختيار الكوادر الوطنية منها أمر يحزّ في النفس ويحترق له الفؤاد ، وفتنة كبيرة أطلت برأسها الكالح لتأكل الأخضر واليابس وتذر الوطن فقير بخبراته وقاماته، ولا شك أنه واقع لا يرتضيه من يحمل بين جنبيه نفساً طاهرة تأسى لما أصاب الوطن من مآسي ونكبات، ولعل الضمائر لا تكاد تهدأ وأصوات التنديد والاستنكار ما نحسها تخفت حتى نرى أن موجة القتل والاغتيالات قد عادت مجدداً ، واشتعلت ساحة البلاد بصيحات ونداءات بضرورة اجتثاث هذه الآفة الخطيرة .
إن من يظنون أنهم يتقربون إلى الله عز وجل بقتل الأبرياء نقول لهم إن ما تفعلونه هو عين الظلم والفساد ، كيف وقد قال الله تعالى : ” مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ” [ المائدة : 32 ] ، فاتقوا الله وارجعوا عن غيكم وضلالكم فإن ما أوغلتم فيه من فتنة لا نراها إلا ما يخدم رسالة أعداء الله وأولياء الشيطان .
ومن جميل ما يُروى عن الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله أنه قال حاكياً موقفه مع أمثال من وقعوا في الفتنة دون أن يشعرون ، فقال عليه رحمة الله : كنت أناقش أحد الشباب المتشددين فسألته: هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام ؟ فقال لي : طبعا حلال وقتلهم جائز .
فقلت له : لو أنك قتلتهم وهم يعصون الله ما هو مصيرهم ؟
قال : النار طبعاً ..
فقلت له : الشيطان أين يريد أن يأخذهم ؟
فقال: إلى النّار طبعاً
فقلت له : إذن تشتركون أنتم والشيطان في نفس الهدف وهو إدخال النّاس إلى النار !
وذكرت له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا مرّت جنازة يهودي أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟؟ قال : ” نفس أفلتت منّي إلى النار ”
فقلت له : لاحظ الفرق بينكم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يسعى لهداية الناس وإنقاذهم من النار ، يا بنيّ أنتم في واد والحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في واد .
فهل يعي هؤلاء أنهم ما يصنعون إلا كما يصنع الشيطان بعباد الله المؤمنين ؟!!
بقلم:أحمد عمر باحمادي