من الجدير بالذكر أنه ضمن إطار ما نوليه منذ مدة ليست بالقصيرة من اهتمام خاص له شأنه حول ماهية وطبيعة ومن ثم أهمية وخصوصية المرحلة الانتقالية الحالية التي تقف عندها سفينة وطن الـ22 من مايو العظيم منذ النصف الثاني من العام 2011م، فقد أصبح من الواجب علينا كمعنيين حيث وضعنا أنفسنا منذ خط البداية السعي وراء محاولة استشفاف بعض أهم الدلالات والمعاني ومن ثم الأبعاد والمضامين المهمة القادرة- وفقا- لما هو مرسوم لها على ضمان إمكانية الانتقال الأمن لليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة وولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها.
والتي يجب ان تشتمل عليها في هذه المرحلة واحدة من أهم المحطات الرئيسة الأكثر بروزا وأهمية وجدلا في تاريخ اليمن المعاصر ممثلة بمؤتمر الحوار الوطني الشامل القادم، الذي قررت من خلالها حركة التغيير الوطني التوجه مباشرة في خط مستقيم نحو الأمة بكل تياراتها وأطيافها وشرائحها أفرادا كانوا أم جماعات في الجانب الرسمي وغير الرسمي، باعتباره البوابة الحقيقية ومن ثم المدخل الأمثل لإعادة كل هذا الأمر إلى أصحاب المصلحة الحقيقية والسلطة المطلقة فيه ليس هذا فحسب.
لا بل ولأن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا بضرورة إشراك كل القوى الفاعلة في المجتمع بدون استثناء لتحمل تبعات مسئولية ولوج اليمن مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة؛ استعداد منها لولوج مرحلة جديدة لها سماتها الخاصة، أصبح فيها للمجتمع بمؤسساته وتنظيماته المدنية دورا مهما وحيويا سواء في الرقابة والإشراف والمحاسبة أو المتابعة والتنفيذ أو الاثنين.
في ضوء ما يجب أن يمثله المجتمع فكرا وأفرادا ومصالحا من محور ارتكاز أساسي في عجلة التغيير القادم، وما يجب أن تمثله تنظيماته ومؤسساته المدنية من أعمدة ارتكاز في بناء الدولة الجديدة المكونة من (النظام، منظمات المجتمع المدني، القطاع الخاص).
وكي يتم إنفاذ هذا الأمر على أسس ومعايير علمية ممنهجة بصورة تطال الأمة فكرا ومشروعا وأفرادا في اتجاه توحيد صفوفها عموديا وأفقيا كي يتسنى لها ولوج المرحلة القادمة من أوسع أبوابها، فقد أصبح من اللازم لا بل والضروري أن يتم التأسيس لهذا الأمر على أرضية صلبة وخصبة تشمل إلى حد كبير كافة المستويات باعتباره المدخل الأمثل الذي يصعب تجاهله أو تجاوزه باتجاه ضمان تحقيق أهم مطلبين في هذه المرحلة وما بعدها الذي يجسدهما عنصري الثقة والأمل الأكثر أهمية بهذا الشأن.
باعتبارهما البداية الفعلية والضرورية لواحدة من أكثر المهام الوطنية إلحاحا بهذا الشأن؛ التي تتمحور حول مهام إعادة توحيد الجبهة الداخلية على المستويين الرسمي وغير الرسمي- من جهة- وضمان تحقيق الأمن والاستقرار النسبي- من جهة أخرى- كمدخل لولوج اليمن مرحلة التنمية المنشودة من أوسع أبوابها.
لذلك ضمن هذا السياق فقد تم الأخذ بكل ذلك من أول خطوة اعتمدتها حركة التغيير الوطني بهذا الشأن؛ ابتداء بالتركيز على شمولية الأبعاد التي يجب أن يجسدها مؤتمر الحوار وسقف الثوابت الوطنية التي يجب أن تمثل الحد الأعلى من أولويات المصالح الوطنية العليا ومصالح الأطراف الخارجية المعنية.
ومرورا بضرورة تغليب مبدأي التسامح والتصالح بين كافة العناصر والقوى الممثلة في المؤتمر كأحد أهم ضرورات ولوج المرحلة الحالية والقادمة واحد مقدمات توحيد الجبهة الداخلية، وانتهاء بغلبة مبدأ الحوار تحت سقف الثوابت الوطنية كمدخل مهم لتبادل الأراء حول المستقبل المنشود لليمن، وصولا إلى ما سوف يتمخض عنه المؤتمر من اتفاقات وتفاهمات يجب أن تشكل المعالم الرئيسة لمرحلة الإعداد والتخطيط للمستقبل المنشود يد بيد مع كل المعنيين بإدارة الشأن العام.
وبالتالي عندما تنتهي هذه المرحلة وتبدأ مرحلة التنفيذ لكل ما تم الاتفاق عليه فإن الأمة سوف تكون معنية إلى حد كبير بمتابعة ذلك إشرافا ورعاية ورقابة ومحاسبة ومن ثم تنفيذا، لأن ذلك كان خيارها الذي وضعت بأياديها أول لبناته في مؤتمر الحوار، وعندها سوف تضرب بيد من حديد على كل من يحاول المساس بخياراتها ومصالحها.
وأخيرا وكي يتسنى للأمة ولوج هذه المرحلة من أوسع أبوابها يجب على المعنيين بإدارة الشأن العام تبني مشروع وطني شامل يجسد من خلاله الحد الأعلى من أولويات المصالح الوطنية العليا يقضي في خطوطه العامة بالسعي وراء ضرورة تحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة في الأربعين عاما القادمة كحد أدنى كما أشرت إليه في عشرات المقالات المنشورة مسبقا من على صدر الصحافة الالكترونية المحلية.
بقلم : د.طارق عبدالله ثابت الحروي
d.tat2010@gmail.com