لما لا تكون مدارسنا .. إرتقاء

قبل البدء .. ليس من الدعاية والإعلان والترويج للمدارس الأهلية أن كتبنا او تحدثنا عنها التي كان حضورها وانتشارها في محافظاتنا الجنوبية بعد تحقيق الوحدة اليمنية ، بل هو إعجاب لحسن إدارتها وانضباطها في القول والعمل والتحصيل العلمي لطلبتها واحترامهم للوقت وهم كالسيف يقطعونه ولا يقطعهم ، وان أشدنا بها فهو الإلحاح في مطالبتنا بان تحذو حذوها مدارسنا الحكومية في التربية والتحصيل .

مدارس الارتقاء بسيؤن  ودعت العام الميلادي 2012م واستقبلت العام الجديد 2013م بتنظيم حفلها التكريمي السنوي بفقرات لا تخلوا من البيئة التي يعيش فيها طلبتها داخل أسوار مدارسهم ، ونقلوا منظموه والمشاركون فيه ضيوف َ الحفل وهم من المسؤلين في السلطة المحلية بوادي حضرموت ومكتب وزارة التربية والتعليم وآباء وأمهات الطلبة إلي آفاق رحبة من النشوة والانسجام والإعجاب والإحساس ولو مؤقتا ( مدة الحفل ) بدور المعلم في تربية وتعليم وصقل مواهب طلبته الذي (  صار اليوم مهضوما و مخذولا ) وليس كما قال شوقي فيه : ( كاد المعلم أن يكون رسولا ) مع كل حبي وتقدير لكل من علَّم حرفا ، هذا الإحساس جعل الوكيل المساعد بوادي حضرموت والصحراء أن يقول في كلمته : (  هي فعلا مدارس للارتقاء  ....  ) وهذه العبارة مختزلة الإعجاب باقتدار الإدارة وكفاءتها التربوية والتعليمية والانضباطية وهي وسام شرف وشهادة حال واقعية من أعلى سلطة في الوادي على صدر الإدارة وهيئة التدريس ،  وهم يستحقونها  .. غير أنني أتمنى أن يبرز الوكيل المساعد سؤالا في كلمته تلك وهو :  لماذا لا تكون مدارسنا الحكومية مثل مدارس الارتقاء ؟؟؟  لكنني أقدم  له العذر لان الإجابة عليه تحتاج الي تغيير لكل منظومة التربية والتعليم من الوزارة إلي  بائعي المقاصف المدرسية ، واسمحوا لي القول : أن مقولة ( أهل مكة أدرى بشعابها ) لم تأتي من فراغ فهي تعطي الحق لا صحاب المعرفة والدراية بدهاليز الأماكن ومنعطفات الشعاب وإذا ما توافرت النية في أن تصبح كل المدارس إرتقاء فالطريق إليه صالح ومعبد ، مالمانع أن تبدأ السلطة المحلية بالوادي بحمل لواء المبادرة في تصحيح حال المنظومة في الوادي ومن فيها الآن فيهم كل الخير وقادرون على تحطيم أسوار الإحباط التي سورهم بها واقع الخذلان واللامبالاة والتهميش وعدم الاهتمام بهم وبكفاءاتهم التربوية والتعليمية وما يملكونه من خبرات متراكمة إلي جانب غياب قوة قرار السلطة في الوقوف إلي جانبهم وإنصافهم من كل معتدٍ  ومتمرد على العملية التربوية والتعليمية ، صدقوني هم فيهم كل الخير ، ويمسكون بناصيته .. فقط أبعدوهم كل البعد عن التصنيفات والانتماءات الضيقة ، التربية والتعليم تحتاج إلي كفاءات واقتدار في الإدارة واتخاذ القرار وإسناده من السلطة / هذه الخطوة الأولى ...

أما الثانية : فهي في منظر الحضور وهيبتهم في ذلك الحفل المذهل فجلهم من كبار المسؤلين ومن أصحاب الرتب العسكرية المتدرجة ومن أحزاب المؤتمر والمعارضة واللقاء المشترك وكبار التجار والشخصيات الاجتماعية والشيوخ والأعيان وبعض ممن في الجمعيات الخيرية وكل من استطاع دفع رسوم تعليم أولاده بمبلغ يقارب ( 80000  ريال ) ثمانيين ألف ريال يمني للسنة الدراسية على الدارس الواحد وربما هناك نظرة إلي ميسرة لمن له أكثر من ذكر وأنثى ، وباقي الفئات من معدومي ومحدودي الدخل عليهم حشر أبنائهم وبناتهم حشرا في علب كبريت يسمونها صفوف المدارس الحكومية  أولئك كلهم حضروا وفقا وحديث الشارع عندنا الذي لا يعير بالا لمقولة ( من عطاه خالقه محد يعالقه )  ليس  للمشاركة واحتراما للمدرسة والمعلم والطالب وإنما لرؤية أبنائهم وبناتهم ومشاركتهم أفراحهم فقط  بدليل أن الاحتفالات السنوية التي تقيمها المدارس الحكومية يالله يحضرها مدير التربية والتعليم بالمديرية والمدرسين المعنيين بفقرات الحفل .. أنا ما قولها لكن غيري با يقول   : ( لو في المدارس الحكومية خير ، لتزاحم عليها أبناء المسؤلين ولاستوعب كل صف عشرين طالبا وليس ستين طالبا كما هو الحال اليوم   )  وأنا  أقول : أن المدارس الحكومية لا زال فيها الخير وفي مدرسيها ومعلميها كل الخير بدليل أن القادة والسياسيين والمفكرين والاقتصاديين والأطباء والثوريين ومن هم الآن في المدارس الأهلية تعلموا وتخرجوا من المدارس الحكومية أيام كانت لها حرمتها وقدسيتها وأيام كان للمدرسين هيبتهم ووقارهم الذي اكسبهم احترام وتقدير طلبتهم وإلي يومنا هذا وأيام كان للمجتمع دوره في تقديم خدماته للمعلم وأيام كان للدولة والحكومة حضورها في كل تفاصيل ومفاصل العملية التربوية والتعليمية  كل تلك المنظومة من الاحترام المتبادل خلقت جيلا حمل لواء التغيير وكسر قيود الماضي وفجر الثورات وليس مستحيلا عودة تلك الروح إلي مدارسنا الحكومية إذا ما قامت الحكومة بواجبها ومسؤلياتها الوطنية  إذ ليس من واجبها توظيف الكم دون أن تبحث عن الكيف وتمحصه تمحيصا ، وليس من مهامها فقط  إصدار قوانين التعيين دون ان تفتش عن الكفاءات وليس من المعقول الاستغناء عن الخبرات التربوية دون الاستفادة منها ولو بعد حين ، للأسف محطة 2011م كشفت الوجه الحقيقي لخذلان وسكوت بعض من أقطاب السلطة لكل ما أصاب صروح ومكونات التربية والتعليم وقت أن دبت  الحالة الفوضوية التحريضية غير الثورية في أفكار  بعض المدرسين من الأحزاب في مدارس الوادي مستغلة ثورة الشباب المطالبة بإصلاح النظام وقتها ، فتعطلت الدراسة ولقي المدرسون وهيئات التدريس ومجالس الآباء في المدارس الحكومية من الاهانات والرمي بالحجارة ما لم يصدقه عقل ويقبله ضمير ويرضى به إنسان ولم نسمع بتحركات السلطة ولا بوقوفها مع الإدارات المدرسية غير إغلاق التليفونات وكلمة تصرررر فففففففوا ، وكأن الأمر لا يعنيها وتلك كانت آخر مسمار في نعش منظومة  التربية والتعليم ،  أي خذلان هذا وخوف وتخلي عن المسؤولية وقت الشدة ، بينما الوجه الآخر من العملة التربوية والتعليمية واقصد بها المدارس الأهلية وما يسمونها نموذجية ، فقد زاغت عنها أبصار المحرضين  فلم تتأثر الدراسة فيها / فإداراتها ملتزمة و مدرسيها ملتزمون حتى وان كانت مرتباتهم الشهرية لا تتجاوز ثلاثون ألف ريال يمني / وطلبتها آخر حلاوة في نظافة أجسامهم وملابسهم وتوحيد زيهم المدرسي .. ومواصلاتهم لا تنقطع بسبب الديزل ، و لا حسد ألبته في ذلك .. والله سبحانه يقول : ( قل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) نعم إنهم لا يستويان   .

بقلم : سليمان مطران

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص