الحكـومة .. نفــاق أم وفـــاق

 ونحن نعيش هذه الأيام احتفالات الشعب اليمني الثائر بالذكرى الثانية لاندلاع  ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية وانطلاق شرارتها الأولى وبدأ مسيرها ، أحب أن أتقدم بأجمل التهاني للشعب اليمني شماله وجنوبه بهذه المناسبة التي يجب أن نفتخر بها دوماً كونها ثورة أسقطت النظام العائلي الفردي المستبد ،وأحب ان اقدم العزاء المجدد لأسر الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل ازالت الظلم والاستبداد عن اليمنيين وصناعة يمن جديد، وأدعو الله ان يعين الجرحى وأن يشفيهم ، وكل عام وسقفنا الحرية وسورنا العدالة وركننا الكرامة وبابنا الإخاء.

بفضل الله ثم شباب ثورة التغيير وحكمة القيادة السياسية في المعارضة ، انتصرت الثورة اليمنية بأقل التكاليف وجنبوا البلاد والعباد ما حدث في ليبيا وما يحدث الآن في سوريا ، حيث أن النظام السابق كان ينوي على ذلك ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) .. فكان الحل سياسيا عبر مبادرة خليجية نرى أنها ظلمت الشعب اليمني الثائر ونصرت الظالم والقاتل ، الا أن القبول بها كان من باب تقديم المصلحة العامة على الخاصة و من منطلق قوله تعالى { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } .. وهذه المبادرة تعيدنا الى اتفاق صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش الذي عارضه الكثير من الصحابة لأن في ظاهر بنوده ظلم للإسلام والمسلمين بل رأى البعض أن فيه ذل وهزيمة لهم  ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله ألسنا على الحق قال صلى الله عليه وسلم بلى فقال عمر أليسوا على الباطل قال صلى الله عليه وسلم بلى فقال عمر فلمَ نعطي الدنيّة  في ديننا ، الا انهم وجدوا ثمار اتفاق صلح الحديبية بعد ذلك .

ومما جرني الى ذكر هذا هو أنه مازال الكثير يُعيرون ويستفزون شباب التغيير على تأييدهم للمبادرة الخليجية مع أنهم أيدوها لما فيها من بنود تحقق بعض أهدافهم .

فهل نحن وجدنا ثمار المبادرة الخليجية ؟؟

أستطيع أن أقول نعم .. لما رأيته من ثمار لتلك المبادرة من وجهة نظري البسيطة مع أنها لا ترقى الى طموح الثوار وهم ما زالوا مستمرين في المطالبة بتحقيق كافة الأهداف المتبقية من أهداف ثورة التغيير ومن أهمها محاكمة قتلة الثوار ، فمن أهم ثمار المبادرة الخليجية الآتي :

1-     تجنيب البلاد الحرب الأهلية التي كان يسعى لها النظام السابق .

2-     تنحي علي عبدالله صالح عن الحكم واسقاط  نظامه المستبد  و تفكيك حكم العائلة و إن لم يكن بالشكل المطلوب نظرا لما تقتضيه التسوية السياسية في المبادرة الخليجية .

3-     دمج القوات المسلحة تحت وزارة الدفاع والغاء الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع في اطار هيكلة الجيش .وإقالة افراد عائلة علي صالح من المناصب العسكرية الحساسة وإن كان يشوبها بعض التمرد على القرارات  .

4-     تشكيل حكومة الوفاق المشكلة بالمناصفة بين حزب المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه .

وهنا أريد أن أقف مع حكومة الوفاق لنعرف هل هي حكومة نفاق أم وفاق ، وربما يستغرب الكثير لماذا الحديث الآن عن حكومة الوفاق ونحن نعيش هذه الأيام سخونة الأحدث وتسارعها لإعاقة انطلاق الحوار الوطني ؟ أجيبهم أن الحديث عن حكومة الوفاق في هذا الوقت يأتي لتقييم ما حققته من منجزات كونها منجزٌ من منجزات ثورة التغيير ، و خاصة ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى انطلاق ثورة التغيير في 11 فبراير2011م هذا أولاً ، أما ثانياً : إن إعاقة حكومة الوفاق و محاولة افشالها منذ تشكيلها وصولاً الى ما حدث أمام مجلس الوزراء من اقتحام لاعتصام الجرحى  وهي خطوة لعرقلة وافشال الحوار الوطني ، ثالثاً : لان الكثير مازال الى يومنا هذا يشن هجوما على حكومة الوفاق رغم ما قدمته من إنجازات لم تستطع  الحكومات السابقة  انجازه خلال 33 عاماً .

فاتكم القطار .. اللي مش عاجبه يشرب من البحر .. عبارات مشهورة قالها المخلوع علي صالح لشعبه الذي صبر عليه وعلى حكومته 33عاماً ويوم أن ودعهم قال لهم  ليس المهم التوقيع المهم حسن النوايا ، فما كان من حسن النوايا الا تفجير أنابيب النفط و تخريب خطوط الكهرباء وخطوط الانترنت و إثارة الفوضى في الشمال والجنوب لإعاقة التسوية السياسية وانتقال السلطة وافشال حكومة الوفاق ، فبادر معارضو الحكومة أن اتهموها بالكثير والكثير ومنها انها حكومة فاشلة حكومة البكاءين حكومة الكفالات حكـــومة النفـــاق ، ولكن هذه الأحكام المسبقة من وجهة نظري وكما يرى بعض السياسيون أن فيها ظلم واستخفاف بهذه الحكومة

لأنها حكومة النفاق كما يقولون .. استطاعت وفي غضون عمرها القصير أن تعيد شيئا من الاستقرار للبلاد وتثبت الاستقرار التمويني  وكذا تثبيت سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار بــ 214 ريال الى الان بعد أن وصل الى 230 وخفض نسبة التضخم من 23% الى 5% ورفع قيمة الاحتياطي النقدي من 4مليار دولار الى 6مليار دولار وصرف مرتبات 60 ألف موظف جديد رغم ضعف مواردها المالية  بفضل سياسة الترشيد ومحاربة الفســاد الذي كــان مستشريا في السـابق ، و استعادة إدارة ميناء عدن من مـواني دبي ســابقا الى شركة مــواني عــدن ورفع سعر الغاز المصدر من ميناء بلحاف من 3دولار الى 7دولار ابتداء من 2013، فيمــا سيتــحرر ســعره وفقا للسعر العالمي ابتـداء من العـام 2015.

وأقرت الحكومة النفاق .. في 6 مارس الماضي, برئاسة رئيسها محمد سالم باسندوة تضمين مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2012م, و تكاليف إطلاق العلاوات السنوية للأعوام 2005-2010م لموظفي الدولة في الجهات التي لم تنفذ بعد بمبلغ إجمالي يقدر بحوالي 65 مليار ريال، والعلاوة السنوية للعام 2011م بحوالي 21 مليار ريال، إضافة إلى اعتماد التسويات بالأقدمية وفقاً للتعيين والمؤهل بحوالي 19 ملياراً و200 مليون ريال، ومعالجة حالات التظلمات بالنقل إلى الهيكل العام بحوالي 6 مليارات ريال، و كما شمل مشروع موازنة 2012م حالات الضمان الاجتماعي المعتمدة لعدد 500 ألف حالة بأثر سنوي يصل إلى حوالي 22 ملياراً و300 مليون ريال، والمنفذة في عام 2011م بالتجاوز مع تكلفة الاستحقاقات لما تبقى من العام الماضي التي لم تصرف وبكلفة 14 مليار ريال.

وكونها حكومة نفاق في نظر أعدائها ..أقرت الحكومة تخفيض أسعار المشتقات النفطية إلى ما يتناسب ومستويات دخول الناس المادية ، وتراجع سعر دبة البترول من 3500 ريال إلى 2500 ريال, وإن كنا نريد التخفيض الى ابعد من ذلك .

ولأول مرة يلمس المواطنون من حكومة النفاق .. استقرارا في أسعار المواد الغذائية خلال رمضان المنصرم بالذات والذي جرت العادة في السابق أن يتحول إلى موسم عند التجار لجني الأرباح في ظل غياب الرقابة.

ما ذكر أعلاه من منجزات .. لحكومة النفاق .. ليس كل ما قامت به من أعمال ولكنه جزءٌ منها, وهو لا يعني في المقابل أن الحكومة غير مقصرة ولم تخطئ, بل على العكس لا تزال دون المطلوب في أدائها وينتظرها الكثير حتى تقوم به ، و لا تنسوا أن أفراد حكومة النفاق هم من البشر يصيبون و يخطؤون ، ومثل ما صبرنا 33عاماً على حكومات العائلة والحزب الحاكم سابقا حتى أوصلونا الى ما نعيشه اليوم ، علينا أن نعطيها الفرصة دون إعاقتها أو عرقلة تنفيذ خططها وأن نصبر عليها حتى تمر المرحلة الانتقالية وتتحقق أهداف ثورة التغيير ثم نحكم عليها هل هي حكــومة نفــاق أم حكــومة وفــاق .

بقلم : أشرف سالم

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص