منذ قديم الزمان والبشر يسعون لتحقيق ذواتهم بطرق شتى وأساليب مختلفة .. سواء بالأخلاق الفاضلة تارة أو بالعنف والإرهاب تارة أخرى أو بفرض وجودهم غصبا تارات كثيرة.. في حين أن البقاء دوما للأصلح وتحقيق الذات لايكون إلاّ بعد احترام النفس وتقدير الآخرين واحترامهم فيعيش الإنسان سعيدا في حياته وتذكره الألسن بعد وفاته .. القضية هنا تحتاج إلى أخلاق الكبار .. ومعنى الكبار هنا ليس الكبار عمرا ولكنهم الكبار موقفا وسلوك..
كم من الكبار اليوم أصحاب وجاهة ومكانة لكنهم صغار في مواقفهم وضعاف في تصرفاتهم.. يخذلونك وقت الشدة ويبعونك عند المقايضة .. لأنهم يملكون روحا أنانية ونفوسا خربة .. وأفكارا مدمرة .. أفلسوا في أخلاقهم وفقدوا احترام الناس لهم ..
وبالمقابل هناك كثير هم من أعمارهم صغيرة ومواقعهم اصغر في المجتمع لكنهم كبار في أخلاقهم. ..كبار في تصرفاتهم .. كبار في مواقفهم وفكرهم .. يأسرون روحك قبل أن ينطقوا.. ويفوزون بحبك قبل أن يفعلوا ..
لهم دماثة أخلاق وطيب مواقف واشراقة وجه..
لهم حضور وهيبة لأنهم كبار رغم صغر سنهم وحجم مواقعهم بالمجتمع.. متى يفهم من ليسوا كبارا فلسفة الحياة وإرهاصات الواقع.. متى يلجون من باب الكبار حقا ويتواضعون ويؤمنون أنهم بغير أخلاق الكبار مفلسون وبلعنة الناس فائزون..
ليس من أخلاق الكبار سوء الظن بالآخرين ..او تسفيه آراء الناس وأفكارهم .. ليس من أخلاق الكبار استعراض العضلات وبث العنتريات وإرهاب الخلق وإقلاق الأمن وترويع الآمنين ..
فمهما تكن قضيتك أو مظلمتك لابد أن تكون كبيرا بأخلاقك كبيرا بتصرفاتك كبيرا في مواقفك وردود أفعالك .. أخلاق الكبار قاعدة تربوية وضرورة بشرية وفريضة شرعية تحتاج الى مواقف لتصقلها ولتربية جادة مسبقة لغرسها في نفوس الناس منذ نعومة أظافرهم ..
نحن نسجل هنا اعتراضنا على كل خلق صغير وموقف حقير وعمل بالسر خطير مفاده تحطيم كل ماهو جميل في البشر والمجتمعات .. أخلاقنا لابد أن تكون كبيرة وهممنا لابد أن تكون اكبر وطموحاتنا لابد أن تبلغ حدا اكبر .. عندها فقط فسوف نكون من أصحاب أخلاق الكبار وليس اللعب مع الكبار !!!
بقلم : توفيق يحيى الحكيم