الدنيا اخذ وعطاء

للإنسان في الدنيا حقوق وعليه واجبات وأنانية النفس دائما تسعى لأخذ مالها وزيادة  ، وتتثاقل وتثاقل معها صاحبها الذي يتمنى على الله الأماني دون بذل الأسباب في أداء الحقوق ، وظهرت في مجتمعنا الحضرمي بعض الظواهر التي كانت نادرة جدا لأنها تعد من الجرائم  ، يتأفف منها الان كل من يسمعها ومنها عقوق الأبناء  للإباء والأمهات .. ولان الخطباء والدعاة هم أكثر الناس اطلاعا على مشاكل الأسرة أصبحنا نسمع منهم تكرار ومرارا الخطب والمحاضرات  لبر الوالدين .. بعض الأبناء بتوفيق من الله يكونوا مثالا في الوفاء لوالديهم  خذ هذه القصة :

تقول الدكتورة  مها.. دخلت علي في العيادة عجوز في الستينات بصحبة ابنها الثلاثيني...لاحظت حرصه الزائد عليها فهو يمسك يدها و يصلح لها عباءتها ويمد لها الأكل والماء.. بعد سؤالي عن المشكلة الصحية وطلب الفحوصات .. سألته عن حالتها العقلية لان تصرفاتها لم تكن موزونة ولا ردودها على أسئلتي.. فقال إنها متخلفة عقليا منذ الولادة.... تملكني الفضول فسألته.. فمن يرعاها ؟ قال أنا.. قلت والنعم ولكن من يهتم بنظافة ملابسها وبدنها قال أنا أدخلها الحمام واحضر ملابسها وانتظرها إلى أن تنتهي واصفف ملابسها في الدولاب واضع المتسخ في الغسيل واشتري لها الناقص من الملابس ، قلت ولم لا تحضر لها خادمة ! قال لأن أمي مسكينة مثل الطفل لا تشتكي وأخاف أن تؤذيها الشغالة .....اندهشت من كلامه ومقدار بره وقلت وهل أنت متزوج قال نعم الحمد لله ولدي أطفال .. قلت إذن زوجتك ترعى أمك؟.. قال هي ما تقصر وهي تطهو الطعام وتقدمه لها وقد أحضرت لزوجتي خادمه حتى تعينها .. ولكن أنا احرص أن آكل معها حتى أطمئن عشان السكر !.....زاد إعجابي ومسكت دمعتي ! واختلست نظره إلى أظافرها فرأيتها قصيرة ونظيفة ... قلت أظافرها؟؟قال قلت لك يا دكتورة هي مسكينة .. طبعا أنا....نظرت الأم له وقالت متى تشتري لي بطاطس ؟؟ قال ابشري الحين اوديك البقالة ! طارت الأم من الفرح.

التفت الإبن وقال : والله إني أفرح لفرحتها أكثر من فرحة عيالي الصغار.. سويت نفسي اكتب في الملف حتى ما يبين أني متأثرة !وسألت ما عندها غيرك ؟قال أنا وحيدها لان الوالد طلقها بعد شهر .. قلت اجل رباك أبوك قال لا جدتي كانت ترعاني وترعاها وتوفت الله يرحمها وعمري عشر سنوات ..  قلت هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها اهتمت فيك؟أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك ؟ قال دكتورة أمي مسكينة .. من عمري عشر سنين وأنا شايل همها وأخاف عليها وأرعاها.

كتبت الوصفة وشرحت له الدواء......

مسك يد أمه وقال ،، الحين البقالة...

خرجوا من العيادة ، وأقفلت بابها وقلت للممرضة : أحتاج للراحة ، بكيت من كل قلبي وقلت في نفسي هذا وهي لم تكن له أما .. حملت وولدت  فقط ولم تربي و لم تسهر الليالي و لم تمرض و لم تتألم لألمه لم تبكي لبكائه لم يجافيها النوم خوفا عليه...لم ولم....ومع كل ذلك كل هذا البر!!

تذكرت أمي وقارنت حالي بحاله ....فكرت بأبنائي ....هل سأجد ربع هذا البر؟؟

هذا نموذج من البر المطلوب من الأبناء للآباء والأمهات  شرعا .. قال تعالى في سورة الإسراء ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )0

فلماذا  في هذا الزمن  برزت ظاهرة العقوق في مجتمعنا الحضرمي المحافظ ؟؟؟

بقلم المهندس : عبدالحافظ خباه

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص