بعد ظهور الإسلاميين المعتدلين , و بروزهم على المشهد السياسي , بقوة , وفاعلية , وأصبحوا محرك أساسي في عجلة التغيير , وجزء كبير لا يستهان به في صنع القرار, وكذلك التوسع المستمر للصحوة الإسلامية , وانتشارها الكثيف , وظهور جيل إسلامي ملتزم ومثقف من الجنسين , يجيد التعامل مع الأحداث , ومتكيف مع تطورات العصر, وملم باحتياجاته , كما أنه يحسن التخاطب مع رجل الشارع البسيط , وهوما جعل القوى اليسارية والليبرالية والعلمانية تتحالف مع الأنظمة الاستبدادية ضد التيار الإسلامي , أو ما يسمى بالإسلام السياسي .. التي تعتبره عدوها اللدود وبالإجماع .
رغم تباينها واختلافها فيما بينها.. مشكِّلين حملتين: الأولى : إعلامية تشويهية وتحريضية غير مسبوقة , لتقديم الضحية المظلوم في صورة جلاد فاجر!!. وإظهار المجرم القاتل في ثوب وطني مناضل!!. والثانية : حملة سياسية واسعة ومنسقة , لتكون غطاء لردود أفعال ونتائج التحريض الإعلامي الغير محمودة !!. فخصوم الإسلاميين لا يُستغرب منهم هذا السُّعار, ورَدَّتْ فِعلهم الشديدة , وحملتهم الشرسة !. صحيح أنهم لا يريدون منها محو الإسلام لأنهم لا يقدرون !. ولا يريدون القضاء على الإسلاميين لأنهم لا يستطيعون ! . وهم يعرفون حقيقة ذلك أشد المعرفة !! . فخوفهم الشديد أكبر دليل على ضعفهم الشديد !!. وهو ناتج عن قلق كبير من أن تكون ردة فعل الإسلاميين مثل خصومهم حين كانوا يعاملونهم بقسوة وغلظة وشدة !. ولهم الحق أن يتخوفوا ! لكن لابد أن يعرفوا أنهم هم من زرع هذا الخوف! وهم من غرس بذرته ! في المعتقلات ,والزنازين , والتخوين , والإقصاء , والمطاردات , والإبعاد , والتهجير!! وهم من صنع الإجرام وتفنن في أساليب القهر والحرمان !! . وها هم يتجرعونه خوفاً وقلقاً , وسيظل شبحه يطارهم وكابوسه يلاحقهم أنَّا كانوا وحيث كانوا !. فالتهويل من حكم الإسلاميين , أو من وصولهم الى سدة الحكم , وتأجيج المشاعر وزرع الرعب في نفوس الناس , وكأن القيامة ستقوم , أو أن هجوماً كاسحاُ سيحل على سكان الأرض من سكان الفضاء , وسيكون الفقر المدقع , وسيصاب الناس بالأمراض المعدية , وكثير من أمثال هذه العبارات التي يبعبع بها أصحاب الخصومة النجسة , ممن لا يجيدون الحوار ولا يحترمون قواعد تبادل الأدوار , فكل إناءٍ بما فيه ينضح , و التخلص من الرذيلة ليس كالوقوع فيها .
إن كتبهم ومقالاتهم وقنواتهم ومواقعهم تنفث سماً , وتفوح نتناً , وتقول كذباً وبهتاناً عظيما.
والتخويف من أن الإسلاميين إذا وصلوا الى سدة الحكم سيتحولون إلى مستبدين . ليس كلاماً عادلاً , لأن أصحاب هذه اللافتات, هم مؤسسو الاستبداد , ممن كانوا في منصات الحكم الديكتاتوري المستبد , وهم من كانوا يكممون الأفواه , ويصادرون الحريات , بل وكان الإسلاميون وغيرهم من الأحرار يرزحون في معتقلاتهم , ويعذبون بأوامرهم , ولهذا فالخوف من الإسلاميين يعني الخوف من الديموقراطية الحقيقية التي يحترمها غالبية الشعب.
كما ان خوفهم من الاسلاميين , هو خوف طبيعي , فالظالم و مساعدوه , لا يمكن أن يأمنوا ويهنأوا بعد ظلمهم!!, والقاتل ومعاونوه لا يمكن أن يأمنوا ويرتاحوا بعد جرمهم !!. وهي سنة الله في الدنيا , والله في الآخرة لهم بالمرصاد.
ولما ذا لم يعط الإسلاميون الفرصة الكافية كما أعطي غيرهم من المنافسين والمناوئين لهم , لكن لم تمض على من وصل منهم الى سدة الحكم , إلا أشهر قلائل , وإذا بالانتقادات والاتهامات والتخوين تُكال لهم من كل جانب ! بانهم فرطوا بسيادة الوطن , وانتشر بسببهم الفساد, وغاب بعد توليهم الأمن, وزاد الفقر, وأصبحت البلاد مفتوحة لتدخلات خارجية , وانفلات داخلي.. يا سبحان الله !!. لقد أصبح المتحالفون مع بقايا أنظمة القمع المطلقة والمخلوعة , يعطوننا دروسا في قول الصدق , وكلمة الحق! , وصاروا فرسانا لا يشق لهم غبار في مقارعة الظلم والطغيان!. ونسوا وتجاهلوا أنهم , هم من صنعوه وعلَّبوه بل وأصَّلُوا له !, ألم يطبِّعوا مع الصهاينة؟! ألم يتحالفوا مع الشيطان ضد إخوانهم وبلدانهم وشعوبهم؟! ألم يبيعوا المقدسات ؟! ألم يستخدموا مناصبهم ومواقعهم لمصالحهم الشخصية وانتماءاتهم الحزبية؟! ألم تخترق أجواء أوطانهم في حكمهم ! وتحتل أراضيهم! وتداس كرامة شعوبهم!! . يا هؤلاء.. ؟! إنكم لم تحترموا الديموقراطية التي طالما تشدقتم وترنمتم بها, فقفزتم عليها ! , ولم تحترموا صناديق الانتخابات التي طالما دعوتم للاحتكام إليها , فلم تقبلوا بنتائجها !, ولم تحترموا إرادة الشعوب التي تغنيتم بتمجيدها , فاتهمتموها بالجهل وعدم المعرفة !. أيها الثعالب كذبتم والله, لم تكونوا أبداً من الناصحين .
وبالفصيح لقد تقدم الاسلاميون بالممارسة الفعلية للحرية , وبالشكل الصحيح , بل ونجحوا في كثير من الاختبارات الديموقراطية , التي كنتم و كانت تعد لهم وتطبخ , لتكون شَرَكَاً يُستدرجون إليه , وأصبح الصياد فريسة يتمنى أن يحظى بأي حياة .
بقلم : فؤاد الحبيشي