الطموح وبعد النظر في الحياة، والاطمئنان على المستقبل، أمر لا يختلف عليه اثنان.. فهي غاية وهدف، ولكي تتحقق فالوسائل كثيرة ومتنوعة لا تقتصر فقط على ترك الأوطان والهجرة والاغتراب، وهنا نقطة رجوع لسنا في خلاف الرأي حول الاغتراب، فهو وسيلة متاحة بل ومجربة فوائدها، ولكن الأمر الذي ينبغي أن يكون حاضرا أن تكون هناك خطط مرسومة ومراحل محددة لذلك الأمر، فلا يكن الاغتراب لأجل الاغتراب أو أن يكون دواليك، أي إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا بمعنى أو بآخر أن تكون هناك صورة واضحة لذلك الرحيل، بحيث إذا تحققت الأهداف فأرض الوطن أغلى وأسمى.. خاصة وأن مراحل وظروف الاغتراب تتعقد أكثر فأكثر حتى يصل الأمر أن يعامل المغترب في بعض الدول وخاصة العربية منها بمعاملة الأجنبي بمعنى كلمة أجنبي فيصبح مستوطن، ليس له إرادة، مهدد بين الحين والأخر ..
أضف إلى ذلك أن البعض - وهم قلة - لم يفقه حقائق الاغتراب عليه وعلى أهله على سبيل المثال، كأن يتأثر سلبا لا قدر الله ببعض العادات والأخلاق السيئة، وتكون سجال عليه حتى ولو عاد للوطن أو على أهل بيته، فيقضي السنين الطوال الواحدة تلو الأخرى، وإذ قدر له العودة فيكون زائرا بمعنى الكلمة فيقضي الساعات والليالي والأيام المعدودات بين الأصدقاء الزملاء الأحباب، أما الأهل والأولاد الأحق بأن يكون التواجد بينهم فرض لكي يعوضهم حنان فترات سبقت، فهم في البرنامج الاحتياطي والله المستعان .. كيف إذا كان سيدنا عمر رضي الله عنه سن قرارا للمجاهدين في الثغور أن لا يغيب أحدهم عن أهله بفترة حددها بشهور وهم على أمر جامع..
وهنا نقطة رجوع أخرى ليس المعنى أن الاغتراب للعمل أو لغيره كطلب العلم آمر ليس بالمهم والضروري، ولكن أن تؤخذ الأمور بنصابها، هذا ما ينبغي أن يرتسم جليا عند كل من يطمح أن يغير حياته ويرسم مستقبله نحو الأفضل، فالاغتراب ينبغي أن يكون مرسوم الغايات محدد الأهداف، والمغترب ينبغي أن يكون يقظا حتى يحقق لكل من لهم حق عليه وسائل الاطمئنان وبالسبل وفي الأوقات المتاحة له ..
فأرض الوطن هي : (الطموح .. الاستقرار .. المستقبل).
بقلم : منير بن وثاب