• تتساقط الكوادر الإعلامية والصحفية بوادي حضرموت مثلما هي الأوراق المتساقطة من الأشجار المثمرة التي تجدُ يدُ البستاني الرحيمة وقد لملمتها برفق وحنان حتى لا تكون عرضة لإقدام المارة فتدوسها بلا مبالاة ، وفي أسواء الأحوال الجوية تصير مطواعة ترحل وتستقر في ارض الله الفسيحة وهي مكرمة في أشجارها ومعززة إذا ما تساقطت بعد أن حصلت على الرعاية عندما كانت بذرة وعلى العناية وقت نموها وعلى الاهتمام عند قطاف ثمارها وهي سنة من سنن الله في خلقه ، إنسان كان أو حيوان أو جماد ، وأي خلل بشري ينتقص من سنته سبحانه وتعالى ، إهمالا واللامبالاة وعدم اهتمام ، اختل الكون كله وأصبح خلله وبالا على من في الأرض جميعا ، ولو بعد حين ، فلا يغتر الإنسان ببعض النعيم الذي يعيشه ، ولا يمشي في الأرض فرحا مرحا بعد أن صار مسئولا يَطلب من هم دونه محبته ومودته ورضاه وهو يعرف يقينا أن القلم والكلمة والصوت والصورة من أوصله الى مقامه الذي هو فيه وان كان يحمل من الشهادات ، فتكون الكلمة الفصل هي للأعلام والإعلاميين وهم المؤثرين الحقيقيين في مجتمعهم ان صدقوا .
• تتساقط كوادرنا الإعلامية في وادي حضرموت دون أن يرتجف لمسئولينا جفن حياء ، ولا دمعة خجل ، ولا كلمة حق ، ولا موقف رجال ، ولا حتى قليلا من الاهتمام يشعر بها الإعلاميون في بلدي أنهم مهمون لا مهملون ، وما يقدمونه محل تقدير وأنهم من فصيلة البشر لا النشر ، ومثلما لوطنهم عليهم حق ، يكون لوطنهم لديهم حق ولمسئوليه لديهم دينٌ مستحق ولو بمثل سرعتهم وسرعة أحزابهم واهتمامهم ومتابعتهم في كتابة النعي ، نريد منهم نصف السرعة في إنقاذنا حين يصاب احدنا لا قدر الله بمؤشرات المرض مهما تكن درجة فعله ، نحن لا نريد أن تكون نهايتنا الإعلامية والصحفية عبارة عن إعلان نعي في إذاعة او صحافة ، ولا أن تكون عبارة عن شريط خبري في أسفل قناة فضائية ولا أن تكون عبارة عن قارورة عطر ( كلينيو) تم إفراغها على أكفاننا وأيادي المعزين ثم تُرمى بين القبور ، الإعلاميون لو كنتم تعرفون مكانتهم وأهميتهم وقدرهم اكبر من ذلك بكثير ، ولو أعلن الإعلاميون في الوسائل الإعلامية موقفا ولو مرة عند وفاة أي إعلامي او صحفي بتوقفهم عن العمل لبضعة أيام لعرف المسئولين ماذا يعني أن يموت إعلاميا ؟ وينطفئ قنديلا ؟
• تتساقط كوادرنا الإعلامية في إذاعة سيؤن ليبقى الصوت سراج ينير الطريق لغيرهم بينما ما تبقى منهم في انتظار النعي المفتوح ولا احد مهتم بهم / يسقط الزميل / سعيد محروس داخل استديو إذاعة عدن ويموت بذبحته الصدرية التي عايشها صابرا شاكيا لله شاكرا له ، ولم نسمع لمسئولينا صوت سوى النعي المفتوح .
• يسقط الزميل / محمد سعيد حنبل بسكتته القلبية الذي عانا قبلها بضيق التنفس ( الاستما ) وازداد ضيقها بعد أن قام بدوره الإعلامي الإنساني في كارثة أكتوبر 2008م وفجأة يموت بها ، ولا زال النعي مفتوحا .
• ويسقط الزميل / طلال باجري بذبحة صدرية وهو يُمنى نفسه بالوظيفة .
• وهاهو الزميل / إبراهيم علوي الجنيد ، ابن إذاعة سيؤن تتلمذ بين أجهزتها منفذا للبرامج وتميز أمام ميكرفونها مقدما ، كما تميز في كتابة وصياغة كلمات المناسبات للسلطة المحلية بالوادي ، لكنه يختتم مشواره الإعلامي بذبحة صدرية كان يعاني من آثارها واشتدت قبل أسبوع من وفاته دون اكتراث ، لأنه يعرف أن الشكوى لغير الله مذلة ويعرف وذاك ديدن الإعلامي الشريف انه في وطن لا يهتم مسئولوه بكوادره الإعلامية ، وسيظل النعي مستمر.
• كل هؤلاء الزملاء لم يباغتهم الأجل ، والله رحيم بخلقه وعباده ، بل كانوا يتحسسون موضع الألم بأناملهم الخائفة ، ويجلسون القرفصاء من قسوته وشدته وفي أوقات كثيرة يلجئون الى بيوتهم لرؤية أولادهم ويسكنون الى زوجاتهم لان فيهن المودة والرحمة .
• إن القلم والكلمة والصوت والصورة ستبقى شهادة الخلود لهم ولنا جميعا ، وستبقى خلايا حية تنمو في جسد هذه الأمة برغم آلامها ، مهما استمر النعي مفتوحا .
بقلم : سليمان مطران