بعد مرور أسبوع على مؤتمر الحوار الوطني , يبدو أن النائحة المستأجرة تبرز بقوة شيئاً فشيئاً, متمثلة دور النائحة الثكلى , في مشهد يوحي بالتباكي الكاذب الذي طغى على الأوجاع الحقيقية .
إدارة الحوار تتشنج وتهدد رغم حكماءها, و متحاورون ينسون الحل ويبقون على الحالة رغم عقلاءهم.
وما نتمناه أن يكون أعضاء مؤتمر الحوار عقلاء بالقدر الذي يسعفهم فيه التعقل لاستغلال فترة الحوار بالحوار الذي لابد له أن يكون وطنياً حتى النخاع , لتذوب فيه كل الانتماءات, وتتلاشى فيه الولاءات الضيقة - الفردية والحزبية والقبلية - وأن تكون نقاشاتهم جادة بقدر المسؤولية التي تحملوها على عاتقهم .
وعليهم أن يستشعروا ذلك بكل تجرد وإخلاص وأمانة !!. كما يستشعروا رقابة الله عليهم.. ومساءلة شعب ينتظر أفضل حلولهم..
وتدوين تاريخ لن يتغاضى عن زلاتهم وهفواتهم !!. فاليمن في الوقت الراهن بحاجة للنقاشات الهادفة والجادة والحوارات الوطنية الصادقة ، فالذي بدد موارد اليمن هو الارتجالات المستعجلة والمهاترات المتشنجة والحادة., كما إنها لم تعد تتحمل تعصبات حزبية ضيقة .
والشكاوى والتظلمات والبكاء والنحيب لا ولن يخرج الحوار والمتحاورين الى طريق محمود .. نريد مخارج وحلول منصفة وحقيقية تخرج اليمن أولاً من مخاضه العسير ، وتلبي ثانيا تطلعات الثوار الذين ضحوا بالغالي والرخيص لاستعادة الكرامة المسلوبة والحصول على المواطنة المتساوية .
ماذا تتوقع عندما يشكو (شوتر) المظلوم الى لجنة الحوار آلامه ومواجعه وقهره وحرمانه وما طاله وناله من (طفاح) الظالم وهما يجلسان بجوار بعض ، وخلفهما لافتة الحوار الوطني !!.
ماذا ستقدم لجنة الحوار لشوتر !!. وماذا ستفعل بطفاح - خلال فترة الحوار- !. وماذا سيخرج به مؤتمر الحوار إذا كان جل كلماته للتشاكي والتباكي !!.
نتمنى أن لا يتحول المؤتمر إلى حوزة للنحيب والبكاء على دم الحسين, وحتى لا يُعلِن الشيعة سيطرتهم عليه بدليل أن الرادود , أدمى قلوب الحاضرين , وقَلَّبَ مواجعهم .
كما نتمنى أن لا يكون المؤتَمِرون متآمرون - بقصد أو بغير - . ومالم يكن الحوار محقق لأهداف الثورة السلمية الذي بها وبسببها يجتمع الفرقاء على طاولة واحدة , قبل أن يكون جزء من آلية المبادرة الخليجية, فسيبوء بالباءة والفشل. والأفضل أن يُجنب مؤتمر الحوار الصبيان الطائشة, حتى لا يصدق عليه - حوار بين طرشان - .
لقد حصل الاتفاق في المداخل ويبدو أن الأوراق اختلطت - على البعض - وعندما أبقيت الأبواب مفتوحة هبت رياح الآراء المتعددة فسدت عليهم المخارج , واختلط الحابل بالنابل فتشخصنت المطالب وتحزبت الآراء.
كما لابد أن يعاد للثوار اعتبارهم وإشراكهم الفعلي والحقيقي في الحوار , والاعتذار لهم عن المهزلة والتهميش , وسحب عبارة (بكم أو بغيركم سيكون الحوار) - سواء كانت لهم أو لغيرهم - . وإخراج الأشخاص المدسوسين في الحوار باسم الثوار , الذين جيء بهم كأثوار لنطح المسار الديمقراطي الحقيقي بالقرون المتشعبة , وتسلقاً على أكتاف المناضلين الثائرين بالمداخلات المترهلة والجوفاء . ومالم يمثل الثوار الابطال , ورواد ساحات التغيير من عموم الجمهورية وأسر الشهداء , بالقدر الذي يليق بهم وبتضحياتهم ونضالهم , فسيظل الحوار حضيرة للتناطح وغابة لتصفية الحسابات وكيل الاتهامات.
في حين لا يزال بعض شباب الثورة خلف القضبان ومنهم من لا يُعرف مصيره إلى الآن . فهل يحتاجون الى مظاهرات ومسيرات في ظل حكومة انتقالية جاءت عبر الطريق الثوري , و لماذا لا يكون الحوار مرتبط بالإفراج عن معتقلي الثورة والبحث عن المختفين والمختطفين , و الافراج عن الذين لم تثبت بحقهم ادانات , حتى يكون تاريخيا فعلا ومعبرا عن حسن نية , نحو يمن جديد.
وللعلم أن الطبخات السياسية المعلبة والجاهزة - وإن كانت لذيذة – فهي مؤقته ولن تشبع اليمنيين من جوع ولن توقفهم عن تغيير.
بقلم : فؤاد الحبيشي