أحمد طالب انهاء المرحلة الثانوية بامتياز ، وهو من قرية ريفية قبلية نائية ، توجه أحمد صوب عدن ليكمل مرحلة تعليمه الجامعية التي طال انتظاره لها ، وخاصة وأنه يحلم بأن يصبح طبيباً في المستقبل ، يخدم أهله وأهل قرية خاصة وأن قرية لا يوجد بها أي طبيب ، اختار أن يكون ملك للرحمة ، سافر أحمد إلى عدن لأول مرة وهو يأمل أن يقبل في كلية الطب التي يتقدم لها آلاف الطلاب من جميع المحافظات ، ودخولها حلم بحد ذاته ، إلا أن أحمد أعد نفسه إعدادا جيداً ، ودخل قاعة الامتحان وإذا بها مقتضة بالطلاب فقال في نفسه هل سيكون لي محل بين هؤلاء؟؟؟.
انتهت امتحانات القبول واتى اليوم المرتقب لإعلان نتائج القبول ، وما أصعبة من يوم على أحمد ، توجه إلى الكلية وعند دخوله إلى الكلية رأى من الطلاب من هو فرحاً بقبوله ومن هو حزين لعدم قبوله ، وبدأ قلبه يرجف ، اقترب أحمد من الأسماء وإذا بأحمد يرى أسمه من قائمة الناجحين المقبولين ، حمد الله وخر ساجداً شاكراُ له ، عاد أحمد إلى سكنه مسروراً ليبشر أصحابه ، التحق أحمد بكلية الطب وحقق أول هدف من أهدافه ، وكان طالباً نموذجياً مواظبا، تحصل أحمد على المرتبة الأولى على الدفعة في عامة الأول مع مرتبة الشرف ،وفي الإجازة الصيفية عاد أحمد إلى قريته وإذا بكل أهل قريته ينادونه بالدكتور أحمد خاصة بعد سماع تفوقه على دفعته ، مضت الإجازة سريعاً ، عاد أحمد إلى عدن لمواصلة السنة الثانية من الدراسة ، وكعادته عاود الجد والاجتهاد .
وذات ليلة وأحمد منهمك في دراسته ، وإذا جواله يرن فتح أحمد السماعة وإذا به أحد أقربائه ، شاهد أصدقاء أحمد الذين كانوا معه في الغرفة أن علامات وجه أحمد قد بدأت بتغير ، ولم يتكلم أحمد بأي كلمة بعد أن فتح السماعة ، أغلق أحمد السماعة وأخذ يلملم أغراضه ، وأصحابه ينادونه ماذا حدث يا أحمد فلا يجيب أحمد عن أسئلتهم ، وفي تلك الليلة توجه أحمد إلى قريته ، فيا ترى ما هو السبب في سفر أحمد المفاجأ
، هل مات والده مثلاً، أم أم ماذا ، أسئلة تدور في مخيلة أصحابة .
وبعد أيام عرف أصحابه السبب في سفر أحمد ، وهو أن أحد أفراد قبيلة أحمد قتل شخص آخر من قبيلة أخرى ، وأصبح بين القبيلتين ثأر ، وأصبح أحمد في دائرة الخطر ، ليس له ذنب إلا أنه من قبيلة القاتل ، ومضى الترم الأول من العام الدراسي ولم يأتي أحمد ، ومضى العام بأسره ولم تحتل القضية بين القبيلتين ، تلاشت أمال أحمد شيء فشيء ، كان دائماً يدعو الله أن يفرج كربته ، ومرت السنين ونسى أحمد أنه في يوم من الأيام كان يدرس طب أو انه سيصبح طبيباً،
وذات يومٍ قٌتيل إحدى أفراد قبيلة أحمد وجتمعت القبيلة للأخذ بالثأر ، وكان أحمد من فرسان قبيلة ، وبدأ البحث عن أي شخص من القبيلة المتهمة بالقتل ، وأثناء ما كان أحمد يجول بسيارته في المدينة فإذ به يرى شخصاً من القبيلة الأخرى التي بينها وبين قبلته ثأر ، حمل أحمد بندقيته وصوب نحو ذلك الشخص فأرداه قتيلاً ، لا ذنب له إلا انه من القبيلة الأخرى ، وعندما قتله ندم أحمد وسيقضى ضميره ، وقال لنفسه أنا أحمد الذي كنت أحلم بأن أصبح من ملائكة الرحمة (طبيب) فإذا بي أكون من ملائكة العذاب ( قاتل)، قرر أحمد بأن يسلم نفسه إلى القضاء ، وحكم على أحمد بالإعدام ، ونفذ الحكم بعد عام من صدوره ، فيا ترى كم من مثل أحمد ..
بقلم : محمد عرفان بايعشوت