بعد ما يقارب أربعة عقود من العطاء والتميز.. سقطت طائرة سيئون وكأنه خُطط لها.. وانتصر الجهل !!.. سقطت ليس لعدم ضعف أو قلة رجالها كما هو حال معظم أندية اليمن ، ولكن لعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، ولعدم القدرة على إدارة هذا الكم من النشاط المتنوع لهذا النادي.. لعبة الكرة الطائرة عشقها أهل سيئون وأحبوها حباً جما ، حتى أنه ما ُتذكر هذه المدينة إلاّ وُتذكر معها هذه اللعبة ، وكانت هذه المدينة مسرحاً لتاريخ نادر لهذه اللعبة منذ عشرات السنين { امتداداً لطائرة الميناء العدنية } .. تخرج في طائرة سيئون الكثير والكثير من كوادر هذه اللعبة ونراهم اليوم يمثلون الكثير من أندية اليمن.
إن الكثير من الأندية اليمنية تملك المال ولا تستطيع صنع الكادر الرياضي في مجال هذه اللعبة ، لذا نجدها تسعى{بكل ما تملك من دعم مالي }إلى الحصول على نصيبها من مخرجات طائرة هذه المدينة ، حتى تستطيع هذه الفرق المنافسة والمناورة بشرف.
تربعت طائرة سيئون على البطولات بين الذهب والفضة والبرونز خلال فترة عشر سنوات متتالية وأخذت الدرع {برجالها}، وإلى اليوم وهي في الميدان تناور وتقارع كل الفرق المطعمة بالاحتراف ، برجالها أيضاً ، وقلما تجد نادي يمني يلعب وينافس اليوم بأبنائه ، أليس هذا تاريخاً رياضياً متميزاً يستحق التقدير والثناء .. أليست هذه ميزة نادرة لم يقدر أي نادٍ عليها بما فيها أندية العواصم صاحبة المكانة والسمو.. ناهيك أن هذا النادي يكاد النادي الوحيد على مستوى البلد يمارس ثلاث لعبات جماعية مهمة وينافس بين الدرجة الأولى والثانية على مستوى البلد فضلاً عن عدة العاب فردية.
إن رياضة البلد لن تتطور مالم يتولها أصحاب الخبرات والميول قبل أصحاب الوجاهات ، وأن توضع لها الخطط بطريقة صحيحة ومدروسة ، وكذا وضع إستراتيجية واضحة ( ثابتة !) تدار من خلالها المكونات الرياضة المختلفة ، وأن تمسِكْ الدولة بزمام السياسة المالية بعد وضعها بطريقة تتناسب وحجم ومتطلبات النشاط، وأن لا نتركها فظفاظة لفلسفات وتقديرات الأشخاص !!
من أسقط طائرة سيئون؟..
أسقطها هؤلاء الجهلة التي دافعت عنهم الجهات ذات العلاقة من وراء جُدر.. ماذا يعني عندما تدافع تلك الجهات عن أمثال هؤلاء حتى اليوم وكأن البلد لازالت ترزح تحت ثقافة ( الموالون أولى بالمعروف !!)..
عندما تولوا أمر هذا النادي من لا دخل له بالرياضة ، وخُطط ( بنوايا مبيّة !) لسقوط أصحاب الكفاءة .. وصل هذا النادي إلى هذا الحالة المخزية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخه الذي يقارب{ السبعين عاماً } ، فقبل أشهر مثلاً انسحب فريق كرة القدم من دوري حضرموت لعدم توفير متطلبات الفريق ، بل وإلى اليوم لم يواصل تمارينه رغم أن الدوري العام على الأبواب لعدم توفير مستحقات اللاعبين للفترات السابقة ، وحصل أن فريق الطائرة تأخر عن موعد إحدى مبارياته بسيئون خلال دوري هذا الموسم وكاد الحكم أن يطلق صفارته لإنهاء المباراة بسبب لعدم توفير مواصلات النادي ، الأمر الذي جعل المهتمين باللعبة أن يوفروا مواصلاتهم الخاصة لنقل الفريق إلى الملعب ، وفي يوم الخميس 18/4/ 2013م حصلت " النكسة ".. حينما لم يحضر فريق الطائرة إلى الملعب لمباراته مع فريق خيبل بالمهرة من الدور الثاني ضمن الدوري العام ، بعد أن سئم اللاعبون من الوعود الكاذبة والضحك على الذقون بدم بارد ، عندها أقر اتحاد اللعبة هزيمة الفريق وحرمانه من النقطة الفنية وتغريمه مبلغ عشرين ألف ريال ، من المسؤل ومن المستفيد عما حصل؟!.
كيف جاء هذا الصنف من الناس إلى النادي؟ ، وما هي الآيدلوجية المستخدمة؟ .. في يوليو 2012م ، جاءت انتخابات الأندية ولسان حالها يقول: إن هذه الانتخابات انبثقت من روح المناخ الديمقراطي التي تعيشه بلادنا، وأكدت لوائحها أيضاً بأن الهدف من هذه الانتخابات ، هو اختيار الجمعيات العمومية للأندية قيادات ذات كفاءة حتى تتحمل مسؤلية العمل الرياضي باقتدار داخل الأندية ، وحتى ُتسهم حقاً في تطوير وتوسيع الحركة الرياضية في البلد عامة!!.
وللأسف إن الجهات ذات العلاقة بالوادي أبت إلاّ أن يترأس هذا النادي من يريدونه ، ولو كان { أمياً رياضياً } ولا يعرف أين تقع أبواب الملاعب ، ولا يفهم كيف تلعب المباراة.. بل وصل به الأمر انه لا يفرق والله بين أشواط مباراة الطائرة وأهداف مباراة القدم .. هكذا أرادوا أن يتولى الأندية أمثال هؤلاء ، ومن أجلهم جيىء بصبيان الحارة حتى يشكلوا أغلبية الجمعية العمومية للنادي ، دون التأكد ولو بشكل صوري من النصاب القانوني ، كما فُعل عند انتخابات بقية الأندية ، هكذا كانوا يريدونها !!.
وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه .. حصل ما كان يتوقعه المهتمون والمتابعون ، وما لم يحصل في تاريخ هذا النادي الحافل بالعطاء المتميز{الذي يقارب السبعين عاماً}.
وبهذه المسرحية سقطت طائرة سيئون لأول مرة في تاريخها المتميز الممتد لعشرات السنين ، وهبطت اضطرارياً وانتصر الجهلة .. فهل ستستعيد قواها وتحلق مرة ثانية؟! ، أم أنه لابد من الاستجابة لولي أمر النادي كونه منتخب ولو بالديمقراطية المطبوخة , ومن يدري لعله من أصحاب الأيادي الآمنة !!!...
بقلم الأستاذ / سعيد جمعان بن زيلع