لا للــــــمـــــوت

صالح عبدالله الخليفي من شباب الثورة في شبوة التقيته يوم أمس كانت برفقته إبنته ذات الست سنوات . كفراشة جميلة ممتلئة حيوية ونشاط وخفة وجمال تقفز من حولنا وتلتصق بظهر والدها من وقت لآخر ثم ترتمي على ركبتيه ماتلبث أن تنطلق غير بعيد عنا ثم تعود مسرعة لتشد عنق أبيها من الخلف ثم تمسح شعر رأسه وهو مشغول عنها بالحديث معي .

كنت أحادثه عن واقع الحال ومتوقع المآل ... بثني صديقي شكوى وهو يقول .. هل تصدق أن أحد منتسبي ( الحراك الجنوبي في قريتنا ) يتوعدني صباح مساء بأن يجز رأسي حال تحقق الانفصال وأنني سوف أدفع ثمن خيانتي ( كما يصفه هو ) بتصفيتي جسديا .

كان جوابي لايتعدى ابتسامة عابرة لاتخلوا من استخفاف بمثل هذا كلام ... كان قصدي من الابتسامة هو أن يشعر صديقي بالطمأنينة وعدم الاكتراث بمثل هذه التهديدات الجوفاء .

 المفاجئ أن صاحبي كان أكثر عزما وإصرارا مني وصبرا واحتسابا ... لقد رد علي بنبرة رجل من رجال شبوة أولو البأس والشكيمة وبتعبيرات وجهه المتحدي قال : لقد قلت لذلكم ( الحراكي ) إذا حققتم الانفصال فاقتلوني فلست أغلى من جدودي وأعمامي الذين خطفوا في عهد ( الاشتراكي ) والى الآن لاندري عنهم أهم أحياء ام أموات هل هم في قاع بئر عميق أم في جوف قبر سحيق أم في سجن غليق ... أنا لست أغلى ممن سبقني !!... عندما كان الأب يتحدث بصوته الجهوري لم ننتبه إلاّ والطفلة الصغيرة تقف متسمرة على حين غفلة منا وهي تحملق في وجه أبيها وتصغي لكل مايقول !!!، سرقت نظري إليها فإذا بعينيها تغرقان بالدموع ووجهها يمتقع إحمرارا .. غمزته لينتبه كي يتوقف عن الكلام صونا لمشاعر طفلة بريئة تسمع أباها يهدد بالموت والتصفية . لقد كانت أسرع منا في التفاعل فعاجلتنا منفجرة بصوت بكائها الرهيب .

كان صوتها مدويا في أعماق ضمائرنا وخنجرا لم نقوى على رده فأجهشنا جميعا بالدموع وأحتضن صاحبي أبنته وودت إنني لم افتح معه هذه الحكاية من البداية .... خيم الصمت برهة على المكان وأكتسى بثوب حداد لايعكر هدؤه إلاّ حشرجات وتنهيدات صدر طفلة بريئة ترقب المستقبل من خلال حياة أبيها وتتشبث بأهداب الحياة مثلما تتعلق بتلابيب ثوب الأب الحامي الحنون في وجه زراع الموت في كل مكان وأعداء الحياة المتربصين بالجمال والحلم .... اللهم أحفظ بحفظك وصن بصونك عليك المعتمد وعليك التكلان .

بقلم : محمد احمد بالطيف

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص