من الطبيعي ان تتجه كل الأنظار إلى ما يجري في مصر فهذا ديدن المؤمنين قال تعالى { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } ، قال الشوكاني رحمه الله عند هذه الآية : أي قلوبهم متحدة في التوادد والتحابب والتعاطف بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمهم من الإيمان بالله. فنسبتهم بطريق القرابة الدينية المبنية على المعاقدة المتتبعة للآثار من المعونة والنصرة وغير ذلك. وقال صلى الله عليه وسلم { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين أصـابعه }. متفق عليه ..أيضــاً قـولـه صـلى الله علـيه وسـلم { المؤمنون تتكافؤ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم } . وقال { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } رواه مسلم ، فكل هذه الأدلة الشرعية توجب على المسلم أن يهتم بأمر إخوانه ، ويسأل عن أخبارهم ، ويعين ضعيفهم ، وينصر مظلومهم ، ويمنع ظالمهم ، ويدعو لهم كما يدعو لنفسه ، والذي لا يهتم لأمر إخوانه ولا يتأثر بما يصيبهم من فرح أو حزن إنما هو كالعضو الأشل الميت الذي لا يحس .
وللأسف الشديد هناك من الأشخاص من يستنكر تأييد الرئيس محمد مرسي والاسلاميين في مصر .. فيقول ما دخلكم انتم أيها اليمنيون و التونسيون والتركيون في الشأن المصري لتخرجوا المسيرات والمظاهرات لتؤيدوا مرسي و تنددوا بالانقلاب العسكري في مصر هذا شأن مصري والمصريون هم المعنيون بشؤونهم الداخلية ، وقبل أن أجيب أسأل سؤال ؟؟!! بماذا نفسر وجود قيادات من المؤتمر الشعبي العام و بقايا نظام علي صالح وقيادات من الحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط في ميدان التحرير بمصر يوم الـ 30 يونيو للمشاركة في إسقاط مرسي وعلى صدورهم كلمة ارحل .. أليس هذا تدخل في الشأن المصري الداخلي ؟؟ فكيف يكون حلال عليهم وحرام علينا !! مع العلم أن حزب النور السلفي المصري ( الإسلامي ) الذي شارك الانقلاب على مرسي ! لم يشارك في مظاهرات الـ 30 يونيو في ميدان التحرير ..
من يستنكر أهون ممن يقف من اليمنيين في صف العلمانيين والقوميين والليبراليين ليساندهم ويدافع عنهم وعن الانقلابيين في مصر فكل منشوراتهم وكتاباتهم على الفيس بك والمواقع الإخبارية تؤيد الانقلاب العسكري على الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب من الشعب المصري ، وتجد في منشوراتهم هجوم على الإخوان وعلى من وقف معهم رافضا الانقلاب العسكري .
آخر هؤلاء من وقف مؤيدا للانقلاب العسكري في مؤتمر الحوار الوطني اليمني ، مصر هي أم الدنيا وهي قائدة ركب الدول العربية وهي الشوكة القاتلة في عنق إسرائيل ، فعندما نتجه بأنظارنا الى هناك فأفكارنا وحواسنا وشعورنا يكون مع المصريين قلبا وقالبا وهذا مما ينسينا ما نعيشه من أحداث في بلدنا ويكون حديثنا ومنشوراتنا على الفيس بك عن مصر وأحداث مصر وهذا تصديقا لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أعلاه .
لا هذا ليس صحيح ..
هذا ليس صحيح أن يصف البعض الانقلاب العسكري بأنه ثورة شعبية .. فما زالت الجماهير والملايين من الشعب المصري في الميادين محتشدة في ثورة شعبية لتعيد الكرامة للمصريين وإسقاط حكم العسكر .
هذا ليس صحيح أن يقول البعض أن السيسي وقف مع الشعب المصري .. فهو لم يستمع ولم يستجيب للشعب المصري في رابعة العدوية و كل ميادين جمهورية مصر وهم لليوم الـ 11 أو أكثر يطالبون بعودة الرئيس المنتخب محمد مرسي الى منصبه - رئاسة مصر- .
هذا ليس صحيح أن يقول البعض إن ما يحدث في مصر هو ليس حرب على الإسلام و الإسلاميين .. فأذكركم بإنجازات أول ثلاثة أيام من الانقلاب العسكري وهي : إغلاق القنوات الإسلامية و بعض الصحف التابعة للأحزاب الإسلامية ، واعتقال 25 قيادي من الإسلاميين و 500 على قائمة الممنوعين من السفر ، وقتل عدد كبير من مؤيدي مرسي والشرعية الدستورية .
جد الكلاب واحد
من يتأمل مجريات الأحداث الدامية والمجزرة البشعة التي ارتكبها الانقلابيون في مصر لفض اعتصام مؤيدي مرسي والشرعية السلميين أمام نادي الحرس الجمهوري وقد أطلق عليها المصريون مجزرة الساجدين .. تعود بنا الذاكرة الى مجزرة جمعة الكرامة في اليمن فنجد حقيقة المثل الشعبي القائل ( جد الكلاب واحد ) جلية وواضحة فمن حيث التشابهات الآتي :
• حصار المعتصمين قبل تنفيذ مجزرة جمعة الكرامة وكذلك حصار المعتصمين أمام الحرس الجمهور بمصر قبل تنفيذ مجزرة الساجدين بمصر .
• بلاطجة مجزرة جمعة الكرامة في اليمن ومجزرة الساجدين في مصر اعتمدوا على الدخان المتصاعد من حرق الاطارات في اليمن و قنابل مسيلات الدموع في مصر قبل اطلاق النار على المعتصمين .
• إصابات شهداء مجزرة جمعة الكرامة في اليمن وإصابات شهداء مجزرة الساجدين في مصر كلها في الرأس والصدر والقلب كما تقول المصادر الطبية .
• عدد شهداء مجزرة جمعة الكرامة في اليمن 53 شهيد و شهداء مجزرة الساجدين في مصر 55 شهيد الى الآن .
• مجزرة جمعة الكرامة كانت بعد أداء المعتصمين صلاة الجمعة و مجزرة الساجدين في مصر كانت في الركعة الأخيرة من صلاة فجر الاثنين .
وربما تكون هناك بعض المفارقات بين المجزرتين وهي :
أن شهداء مجزرة جمعة الكرامة خرجوا لإسقاط التوريث و إسقاط الشرعية الزائفة التي تحصل عليها النظام السابق في اليمن من خلال تزوير نتائج انتخابات 2006م والكل يعلم من هو الفائز حينها .. وأما شهداء مجزرة الساجدين في مصر خرجوا من أجل حماية الشرعية الدستورية و الرئيس المنتخب بانتخابات حرة ونزيهة شهد بها العدو قبل الصديق .
ختاما : ان الهدف من الانقلاب العسكري في مصر والإصرار عليه وزج الجيش المصري في الصراع السياسي ليس حبا في العلمانيين ومعارضي الرئيس محمد مرسي .. بقدر ما هو حبا في هدم المؤسسة العسكرية وتدمير الجيش المصري الذي يعد أحد اكبر الجيوش عالميا وهو يحتل المرتبة الــ11 عالميا .
وأيضا هو ثمن خروج الرئيس محمد مرسي عن معسكر إسرائيل وخاصة بعد أن طالب مرسي بإلغاء اتفاقية السلام أو تصحيحها .. فقد قالت تسيبي ليفني { ... أنه لدينا متطرفين ( إسلاميين ) في المنطقة وقادة يريدون ان يختاروا مسارهم وطريقتهم واذا قرر قائد دولة ما مسارا آخر بعيدا عن معسكرنا فسيكون هناك ثمنا لهذا } فكان الانقلاب العسكري على مرسي بعد ما عملت إسرائيل منذ تولي مرسي الحكم في مصر بدعم المعارضة و تشويه الإسلاميين و إشعال الفتنة الطائفية ( الأقباط ) فيما كان الجيش المصري هو حلقة الوصل الوحيدة بين تل أبيب والقاهرة بعد فقدت إسرائيل حليفها الاستراتيجي المخلوع حسني مبارك.
بقلم : أشرف سالم