• في ظل تنافس بعض القيادات والقوى السياسية في الساحة الوطنية اليمنية على تحديد أولويات المرحلة السياسية الراهنة التي يمر بها الوطن من خلال فرض أجندتها الخاصة وبنهج برجماتي لا يراعي مطلقا المصلحة العليا للوطن , فأن ذلك يؤدي لخلط الأوراق والقفز على المراحل وإحراقها , كما أن محاولة البعض الآخر فرض شروطه ومصالحه الخاصة على متطلبات المبادرة الخليجية والمرحلة الهامة والحاسمة التي يمر بها الوطن حاليا والتي تحدد مصيره مستقبلا , هو الانتحار بذاته والانزلاق عاجلا للنفق المجهول والمشؤوم .
• وهنا أعتقد جازما أن الأولوية في هذا السياق قد أتضحت الآن بل وأصبحت في المقام الأول هي لمغادرة الرئيس السابق (صالح) للحياة السياسية واعتزاله العمل الحزبي تحديدا , وتفرغه للعمل الإنساني والاجتماعي أو أن يعمل في المجال الاستشاري والاستثماري من خلال إقامة مراكز الدراسات والبحوث وبيوت الخبرة والاقتصاد , ويجلب ثروته من الخارج ويستثمرها في الداخل لإحداث التنمية والازدهار المطلوب في البلد من خلال التأثير الايجابي في البنية الاقتصادية والاجتماعية وتشغيل الأيادي العاطلة للشباب التي بسبب السياسات السابقة الخاطئة لم تتوفر لها فرص عمل مناسبة .
• نعم ما سبق ذكره هو الموقف العقلاني والسلوك الحضاري المتبع في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة , بل هو السلوك القويم والنبيل لرائد وقائد يحترم ذاته وتاريخه ويمتثل للقيم الإنسانية الجميلة ويحرص على أمن واستقرار وطنه ومستقبل زاهر لشعبه , كما أن منح الحصانة من المحاسبة والمسألة للقيادات السياسية ورجال السلطة في دول العالم أجمع أرتبط دائما باعتزالهم لمزاولة العمل السياسي , ذلك العمل الذي أدى بهم غالبا لارتكاب الكثير من السلبيات والأخطاء بل والجرائم .
• أهمية ذلك تكمن في إتاحة الفرصة المواتية ومنح الوسائل المناسبة لإحداث التغير المطلوب والتأسيس للعهد الجديد والمتمثل بسياسات واختيارات القيادة الجديدة التي سبق لنا جميعا أن اخترناها وتوافقنا عليها في اليمن عبر آليات المبادرة الخليجية ,وهذه القيادة الجديدة لابد لها ان تتمكن من أدواتها في الحكم حتى تكتمل مسؤوليتها في السلطة وإدارة البلد.
• وهنا تبرز بإلحاح أداة هامة للعمل السياسي والجماهيري مغيبة حاليا عن مؤسسة الحكم , تلك الوسيلة المناسبة التي تمكنها من عرض رؤاها السياسية والفكرية والمنافسة في تقديم البرامج والخطط الاقتصادية والتنموية والترويج لها , وذلكم هو الحزب الجماهيري الرائد الذي يمكن العهد والنهج الجديد من العمل بين صفوف الشعب وفئاته المختلفة .
• لا نريد أن يصل الأمر الى درجة الشقاق والانشقاق , فيتم استحضار تجربة السودان الشقيق في هذا الجانب , ويفرض على الرئيس هادي أن يعمل على إيجاد أداته السياسية الأخرى التي تعينه على تسيير أمور الحكم من خلال لجوئه لتأسيس هيئة حزبية جديدة , وأن كان غالبية أعضاء الحزب الجديد المفترض هم أيضا من منتسبي حزب المؤتمر الشعبي العام (القائم حاليا) قيادة وقواعد .
• ولذلك يبقى السؤال الملح والقائم الآن .. أًما أًن للرئيس السابق (صالح) أن يعتزل العمل السياسي والحزبي تحديدا ويفسح المجال أمام رفيق دربه هادي ليتمكن من إقامة العهد الجديد الذي اختاره الشعب وهو منهم وأولهم؟
• فهل يفعل ؟
إنا لمنتظرون ..
بقلم / طارق مصطفى سلام