تَنَـاهِيْدُ وَطَن ...

يآ أيُّها الوطنُ السجينُ بداخـــلي *** أتُراكَ سِجنيَ أَمْ أنا السَّجَّانُ

 

أتُـــــراكَ مِثـليَ تـــــــائهاً في بَعضِهِ *** فلقد تَتِيهُ ببعضِنا الأوطــــــانُ

 

أمْ أنَّنا يا مَوطِنَ الأحـــــــــــــرارِ قد *** تُهنا معاً فمصــيرُنا التَّيَهــــانُ

 

دَعْني أبُثُّ الهمَّ أشجــــــــاناً هُنا *** ولكمْ تؤرِّقُ مِثليَ الأشجـــــــانُ

 

فلكم أراكَ اليومَ يعصرُكَ الأسى *** قهراً وتكسرُ عودَكَ الأحزانُ

 

وأرى بعينيكَ السفينةَ أَبْحَرَتْ *** نَحْوَ الغَيَاهِبِ سَاقَها الطُّوفـــــــانُ

 

تَجْــــري مُشَرّعَةً بغيرِ هِــــــدايةٍ *** ضَلَّ الطريقَ ودَرْبَهُ القُبْطــــــــــانُ

 

تَجْــــري وأَمواجُ البِحارِ تَسُوقُها *** قسراً، وضاعَ القصدُ والعُنوانُ

 

وعلى زِمـــــــامِ الدَّفّةِ العَوجَــــاءِ مَن *** بالزّورِ يَهْتِفُ أنّهُ الرُّبَّـــــــــــــانُ

 

وبأَنَّ كُلَّ الشّعبِ مُلْكُ يمينِهِ *** وهو الشُّجَــــــــــاعُ ومَن سِواهُ جَبَانُ

 

وبأنّهُ الطُّـــهْرُ الطَّـــــــهُورُ تَفَرُّداً *** أمّا المُخَــــــــــالِفُ مُجْـــــرِمٌ خَـــوّانُ

 

قَذَفُوا بِها ذَاتَ اليَمِــــــينِ وَتَارَةً *** ذَاتَ الشِّمـــالِ يَجُرُّهـــا القرصانُ

 

وَهِيَ الـمُسَالِـمَةُ التي قد غَرَّها *** وَهْمٌ وزَيْفٌ حَاكَهُ الشَّيطــــــــانُ

 

لَمْ تَمتلِكْ يَوماً إرادتَهــــــــــا التي *** سُلِبَتْ بِلَـيْـلٍ لَفَّهُ الخُــــــــــــــــذْلانُ

 

لَمْ تُطلقِ الصوتَ القويَّ مجلجلاً *** يحمي الحقوقَ فتهرُبُ الجُرذانُ

 

لَمْ تَسْطِعِ اليومَ الوُقُوفَ لِظالِمٍ *** يَبغيْ خَــــــــرابَ الدّارِ وهو مُـدانُ

 

كيــــــفَ الوُقوفُ لأمّةٍ قَد هَدّها *** ضَعْفٌ يَـــنوءُ بِحِملِهِ الـمِــــيزانُ

 

سَــــادَ التّفــــرُّقُ والتَّنَـــــــازعُ بينَها *** ومَآلُ كُلِّ تَفَرُّقٍ خُسْـــــــــــــرانُ

 

أبنــــــــــــــاؤُها يُعلُونَ رايَةَ غيرِها *** ونصيبُها الخُذْلانُ والنُّكــــرانُ

 

******************

 

يا أَيُّها الوطنُ الحَبيبُ سَمَـاحةً *** أَتُراكَ أَزعَجَ سَمعَكَ التِّبْيَــــــــانُ

 

إنْ بُحْتُ بالمَكنونِ فاْعذُرْ جُرأَتي *** فالقَلبُ أَشْعَلَ نَارَهُ الوِجْدانُ

 

قَدْ سَــاقَني حُبٌ إِليكَ وَلَوْعَةٌ *** والحُبُّ في عُرْفِ الهَوَى سُلطَــــانُ

 

أَمَلِيْ حَبِيبيَ أَنْ أَراكَ مُتَوَّجَــاً *** تَــــــاجَ الفَخَـــــــــارِ بعــــــــزّةٍ تـزدانُ

 

فلديكَ يا وطني جُذورُ حَضَــارةٍ *** شَهِدَتْ لها ببريقِها الأزمــــــــانُ

 

غُرِسَتْ لها في كُلِّ أَرضٍ بِذرةٌ *** عَمَّ الوُجودَ بنورِها الإيمَـــــــــــانُ

 

سُقِيَتْ بأخــــلاقِ النَّبِيِّ وهَـدْيِِهِِ *** والجِــذعُ قَـوَّمَ سَـــــــاقَهُ القُــــرآنُ

 

ثُمَّ استوَى الزَّرعُ النّضـــيرُ بِسُوقِهِ *** فَتَفَرَّعَتْ مِن أَصلِهِ الأغصانُ

 

**********************

 

فَتَنَهَّدَ الوطنُ الحَبيسُ كأنَّما *** نُكِئَتْ جِراحٌ لفَّها النِّسيـــــــــانُ

 

أَوّاهُ يا وَلَدي فمـــــــــاليَ حِيــــلةٌ *** فالعقلُ من هَولٍهُوَالحيــــــرانُ

 

أوَ بَعدَ أَن شِدنا بِكُلِّ بسيطةٍ *** مجداً، يُدَكُّ بدارِنــا البُنيــــــــانُ

 

تُؤْذِي فُؤادَ الحُرِّ رُؤيةُ أَرضِــــهِ *** تَـلقى الهوانَ يَسُوسُها الصِّبيَـانُ

 

وَحَليبُها يُسْقَى لِغَــيرِ صِغارِها *** من ضرعِها فنصيبُهم حِرمَــــانُ

 

يَتضَوّرُونَ من الـمَهانَةِ جُوعُهم *** والتِّبرُ في بَطْنِ الــثَّـــرى أَطنـــانُ

 

لكــــنّني وبرغمِ ظُلـــــمةِ ليلِــــنا *** أَرجُو النَّهـــــــارَ بنُــــــورِهِ يزدانُ

 

سَيُــنِيرُ فَجْرٌ مِن طَـــــلائِعِ فِتْـــيةٍ *** أَكْرِمْ بِهمْ أَبنـــاؤُنا الفُرسَـانُ

 

في كُلِّ فَنٍّ أَبدَعُـــــــوا وتَألّقُـــوا *** كَمْ تَشهَدِ الأيَّـــــامُ والـمَيْدانُ

 

سلكوا دروبَ العلمِ فهو شعارُهم *** سارت بهم نحو العُلا رُكْبانُ

 

ومَكَـــــارِمُ الأخلاقِ فاحَ أَريجُها *** وبِكُلِّ خَـــيرٍ فِعلُهم إِحســانُ

 

مُتطوّعونَ بجُهدِهِم وشَبابِهِم *** لا يُرتَجَى شُكرٌ ولا عِرفــــــــــانُ

 

حفظوا الأخوةَ بينهم واستعصموا ***  بعُرى الإلهِ تماسكَ البُنيانُ

 

لا كُرهَ لا أَحقادَ تَسْرِي بَينهم *** بِصفائِهِم قد أَثْمَرَ البُستَــــــــــانُ

 

أَوّاهُ يا وَلَـــدي فَهذي ثَـــــروتي *** لا الـمـــــالُ يعدِلُها ولا الـمـُرجانُ

 

هذي مَعَالمُ نهضةٍ يَبقَى بها *** نَبْضُ الحَياةِ يضخُّه الشِّريَـــــــــانُ

 

هذي تَبَاشِـــــــيرُ الصَّباحِ تَفَتَّحَتْ *** وتَناثَرَتْ بسمـــــــائِها الألـوانُ

 

فاعلم بُنيَّ بأنّ مَجدَكَ مَكسَبٌ *** ولــهُ بــــريقٌلامـــعٌفَتَّــــــــــــانُ

 

وبأنَّ أَعْظَمَ ثَروةٍ مَكنُــــــــــــونةٍ *** في أرضِنـا الأخلاقُوالإنسانُ

 

فبها سَنَخْرُجُ من جَهَـــــالةِ تِـيهِنا *** وبها سَيَعلُو ذِكْرُنا والشَــانُ

 

شعرالدكتور:عادل محمد علي باحميد

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص