بعد سقوط الخلافة الإسلامية المتمثلة في آخر كيان لها الدولة العثمانية، غرس الغرب أفكاراً منحلة في بعض عقول أبناء جلدتنا من المسلمين المنبهرين بالغرب وتقدمه الشكلي، إذ وسوس شياطين الإنس زخرف أفكار ضالة كـ (العلمانية والليبرالية والشيوعية) التي تحارب الدين وتعتبره أفيوناً وهلاكاً للشعوب، فأسقطوا هذه المصطلحات على مجتمعنا الإسلامي، فحاربوا الالتزام والملتزمين بتشويه صورتهم بالشتم والسب والتقليل من شأنهم مستغلين أخطاء بعض الملتزمين وتكبيرها وتعميمها على جميع الملتزمين، فأصبح البعض يستحي أن يذكر أنه ينتمي لهذا التيار الإسلامي أو ذاك بسبب الحرب وسيل التهم الجارف والمتعمد من قبل قوى خفيه ليس هدفها قضايا عادلة أو مطالب محقة وإنما هدفها الانتقام ومحاربة الالتزام لينهدم حماة الدين الإسلامي ولأجل أن يسهل عليهم الانقضاض على الدين الإسلامي المنصور بعز عزيز أو بذل ذليل، روى الإمام أحمد وصححه الألباني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار,حتى لا يدع الله بيت على ظهر الأرض إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله) .
و لعل أكثرهم كرها للجماعات الإسلامية الراشدة هم الحكام الطواغيت الذين يقدمون مصلحة كراسيهم على مصالح الدين والعباد، فيعتبرون كل تيار إسلامي عدو لهم بدعاوى (استغلال الدين والتزين بالدين والترزق باسم الدين) وغيره من العويل الشائن وهي محاولة يائسة منهم لتأخير الزحف الإسلامي على كراسيهم التي هي ملك لأمة الإسلام ولمن ترضاه لا لمن غدر بها وسرق وقتل، قال تعالى : (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) فمع كل منعطف سياسي وزمني يستغله البعض في التحريض على الالتزام والملتزمين، فيتعاظم هذا الكره بالتهاون عن أداء العبادات والولوغ في المعاصي بدعوى أن الالتزام تزمت وتطرف وإرهاب وظلام ومشكلة، فيصبح الأمين خائناً والخائن أميناً، روى ابن ماجه وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة (رغم ذلك إلا أننا عندنا يقين بنصر الله بالإتكال عليه وبوعي مجتمعنا وإدراكه بالذي يحاك عليه من مؤامرات ظاهرها فيها الرحمه وباطنها نار تلظى، قال تعالى : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون . هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) .
بقلم الشيخ / محمد سالم هبيص